للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عقب إبراهيم آل محمد -صلى اللَّه عليه وسلم-). قال ابن شهاب: (العقب الولد، وولد الولد). وعن ابن زيد: (عقبه ذريته).

والمعنى: وجعل إبراهيم -عليه السلام- كلمة التوحيد التي تكلم بها، وهي قوله: {إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ (٢٦) إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي} كلمة مستمرة في ذريته، فلا يزال فيهم من يوحد اللَّه ويدعو إلى توحيده.

وقوله: {لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ}. قال قتادة: (أي يتوبون، أو يذّكَّرون). قال القاسمي: ({لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} أي لكي يرجعوا إلى عبادته، ويلجؤوا إلى توحيده في سائر شؤونهم). وقال النسفي: (لعل من أشرك منهم يرجع بدعاء من وحد منهم والترجي لإبراهيم).

وقوله تعالى: {بَلْ مَتَّعْتُ هَؤُلَاءِ وَآبَاءَهُمْ حَتَّى جَاءَهُمُ الْحَقُّ وَرَسُولٌ مُبِينٌ}. أي: بل متعت -يا محمد- هؤلاء المشركين من أهل مكة وآباءهم من قبلهم بالحياة فلم أعاجلهم بالعقوبة على كفرهم حتى جاءهم الحق -أي الوحي العظيم-، ورسول مبين.

فالحق: القرآن وحجة الوحي البالغة، والرسول المبين: محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- الذي يبيّن لهم ما بهم إليه حاجة.

وقوله تعالى: {وَلَمَّا جَاءَهُمُ الْحَقُّ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ وَإِنَّا بِهِ كَافِرُونَ}.

قال السدي: (هؤلاء قريش قالوا للقرآن الذي جاء به محمد -صلى اللَّه عليه وسلم-). فاتهموا القرآن بالسحر وأعلنوا الجحود والكبر والعناد.

وقوله تعالى: {وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ}.

قال ابن عباس: (يعني بالعظيم: الوليد بن المغيرة القرشي، أو حبيب بن عمرو ابن عُمير الثقفي، وبالقريتين: مكة والطائف).

فهم يريدون الحق في رؤسائهم وزعمائهم، هكذا أملت لهم عقولهم وأهواؤهم، فأجابهم اللَّه عز وجل: {أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا}. قال قتادة: (فتلقاه ضعيف الحيلة عيي اللسان وهو مبسوط له في الرزق، وتلقاه شديد الحيلة سليط اللسان وهو مقتور عليه. قال اللَّه جل ثناءه: {نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} كما قَسَمَ بينهم صورهم وأخلاقهم تبارك ربنا وتعالى).

<<  <  ج: ص:  >  >>