للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: {وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا}.

أي: ورفعنا بعضهم بالغنى فوق بعض ليتخذ الغني الفقير في العمل. قال السدي: (يستخدم بعضهم بعضًا في السخرة). أو سببًا في المعاش.

وقوله: {وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ}. قال ابن جرير: (ورحمة ربك يا محمد بإدخالهم الجنة خير لهم مما يجمعون من الأموال في الدنيا).

ثم ذكر سبحانه ما قد يترتب على بسط المال وأسباب الزينة والترف لأهل الدنيا من الفساد الذي قد يؤذي المؤمنين ويفتنهم عن دينهم، فقال جل ذكره: {وَلَوْلَا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً}. قال ابن زيد: (لولا أن يختار الناس دنياهم على دينهم لجعلنا هذا لأهل الكفر).

أي: لولا أن يفتن المؤمنون فتنة لا يستقيم معها دينهم وإيمانهم: {لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِنْ فِضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ} الآية.

قال قتادة: (السقف: أعلى البيوت). وهي السطوح. والمعارج: الدرج. قال السدي: (المعارج: المراقي). أي: ودَرَجًا عليها يصعدون فيظهرون على السقف.

وعن ابن عباس: ({وَمَعَارِجَ} قال: معارج من فضة، وهي درج). قال: (درج عليها يصعدون إلى الغرف).

والمقصود: لولا أن يفتن المؤمنون لجعل اللَّه لأهل الكفر لبيوتهم سقفًا ومصاعد من فضة عليها يصعدون إلى غرفهم.

وقوله تعالى: {وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْوَابًا وَسُرُرًا عَلَيْهَا يَتَّكِئُونَ}. قال ابن زيد: (الأبواب من فضة والسرر من فضة عليها يتكئون. يقول: على السرر يتكئون). أي: ولجعلنا كذلك لبيوتهم أبوابًا من فضة وسررًا من فضة عليها يتكئون.

وقوله: {وَزُخْرُفًا}. قال ابن عباس: (وهو الذهب). قال القاسمي: (أي: ولجعلنا لهم مع ذلك زخرفًا، أي زينة من ذهب وجواهر فوق الفضة).

وقوله: {وَإِنْ كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا}. إشارة إلى أن ذلك لا يدل على فضيلتهم، وإنما كل ما سبق ذكره من السقف من الفضة والمعارج والأبواب والسرر من الفضة، والزخرف فوق ذلك، إنما هو من المتاع الزائل الذي يستمتع به أهل الدنيا إلى حين ثم يغادرونه إلى قبورهم ومعادهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>