للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يوقِّرُونه، ولم يكن السحر صفة ذم). أي كانوا يسمون العلماء سحرة فنادوه بذلك على سبيل التعظيم.

٣ - وقيل: المقصود يا أيها الذي غَلَبَنا بسحره.

وقوله: {إِنَّنَا لَمُهْتَدُونَ}. قال قتادة: (قالوا يا موسى: ادع لنا ربك لئن كشفت عنا الرجز لنؤمنن لك).

وقوله تعالى: {فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِذَا هُمْ يَنْكُثُونَ}. قال قتادة: (أي يغدرون). أي: فدعا موسى ربه فكشف سبحانه العذاب فنقض القوم العهد الذي جعلوه على أنفسهم فلم يؤمنوا.

وقيل: قولهم: {إِنَّنَا لَمُهْتَدُونَ} إخبار منهم عن أنفسهم بالإيمان، فلما كشف عنهم العذاب ارتدوا.

وقول تعالى: {وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَاقَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلَا تُبْصِرُونَ}. قال قتادة: (قد كانت لهم جنات وأنهار ماء. قال: كانت جنانًا وأنهارًا تجري من تحت قصوره). والمقصود: نادى فرعون في قومه يا قوم أليس لي ملك مصر فلا ينازعني فيه أحد، وأنهار النيل تجري من تحت قصوري {أَفَلَا تُبْصِرُونَ} عظمتي وقوتي وضَعْف موسى؟ !

قال ابن جرير: ({أَفَلَا تُبْصِرُونَ} أيها القوم ما أنا فيه من النعيم والخير، وما فيه موسى من الفقر وعيّ اللسان؟ ! افتخر بملكه مصر عَدُوّ اللَّه وما قد مكّن له من الدنيا استدراجًا من اللَّه له).

وقوله تعالى: {أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلَا يَكَادُ يُبِينُ}. قال السدي: (قال: بل أنا خير من هذا). وعن سفيان: ({مَهِينٌ}: حَقير). وقال قتادة: (يعني: ضعيف). وقال أبو جعفر: (يعني لا مُلْك له ولا سلطان ولا مال). وعن السدي: ({وَلَا يَكَادُ يُبِينُ} أي: لا يكاد يُفهم). وقال قتادة: (عييّ اللسان). وقال سفيان: (يعني في لسانه شيء من الجَمْرَةِ حينَ وضعها في فيه وهو صغير) (١).

والمقصود: أراد فرعون استعراض قوته وجبروته أمام قومه واستضعاف موسى. قال


(١) قد دعا موسى ربه "واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي" فذهب عنه ما يجد، وإنما أراد فرعون إظهار موسى بكل نقيصة وقد كذب، فهو الناقص خِلقَةً وخُلُقًا، وموسى البار الراشد الصادق.

<<  <  ج: ص:  >  >>