ابن كثير:(وهذا الذي قاله فرعون -لعنه اللَّه- كَذِبٌ واختلاقٌ، وإنما حَمله على هذا الكفرُ والعنادُ، وهو ينظرُ إلى موسى -عليه السلام- بعين كافرة شَقِيَّةٍ، وقد كان موسى -عليه السلام- من الجلالةِ والعظمةِ والبهاء في صورة يَبهر أبصار ذَوي الألباب).
وقوله:{فَلَوْلَا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ}. قال ابن عباس:(يقول: أقلبة من ذهب). قال مجاهد:(كانوا إذا سوّروا رجلًا سؤروه وطؤقوه بطوق من ذهب علامة لسيادته). فكان ذلك عادة الوقت وزِيّ أهل الشرف. فأراد فرعون القول: هلا ألقى رب موسى عليه أساورة من ذهب إن كان صادقًا!
وقوله:{أَوْ جَاءَ مَعَهُ الْمَلَائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ}. قال قتادة:(أي متتابعين). وقال مجاهد:(يمشون معًا). وقال السدي:(يقارن بعضهم بعضًا). وقال ابن عباس:(يعاونونه على من خالفه). قال القرطبي:(والمعنى: هلّا ضم إليه الملائكة التي يزعم أنها عند ربه حتى يتكثّر بهم ويصرفهم على أمره ونهيه، فيكون ذلك أهْيَبَ في القلوب). فأوهم عدو اللَّه قومه أن الأبهة والعظمة في الزي والمرافقة لا بد منها لصدق رسل اللَّه كما هو حال رسل الملوك، وغفل الشقي أن تأييد اللَّه تعالى لموسى بجنوده التي لا يعلمها غيره وإمداده ببعض الآيات كالعصا واليد البيضاء أبلغ من تلك الأبهة الزائفة التي اغتر بها ملوك الدنيا.
وقوله:{فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ} قال ابن الأعرابي: (المعنى فاستجهل قومه {فَأَطَاعُوهُ} لخفة أحلامهم وقلّة عقولهم).
وقوله:{إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ}. أي خارجين عن طاعة اللَّه.
وقوله:{فَلَمَّا آسَفُونَا}. قال ابن عباس:(يقول: أسخطونا)، أو قال:(أغضبونا). وقال قتادة:(أغضبوا ربهم).
وقوله:{انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ}. قال ابن جرير:(يقول: انتقمنا منهم بعاجل العذاب الذي عجلناه لهم، فأغرقناهم جميعًا في البحر).
وقوله تعالى:{فَجَعَلْنَاهُمْ سَلَفًا وَمَثَلًا لِلْآخِرِينَ}. قال أبو مِجْلَز:({سَلَفًا} لمن عمل عملهم، {وَمَثَلًا} لمن يعمل عملهم). وقال مجاهد:{سَلَفًا} إخبار لأمة محمد -صلى اللَّه عليه وسلم-، {وَمَثَلًا} أي عبرة لهم). وقال:(سلفًا لكفار قومك يتقدّمونهم إلى النار). وقال قتادة:({سَلَفًا} إلى النار {وَمَثَلًا} عِظةً لمن يأتي بعدهم).
والمقصود: جعل اللَّه تعالى فرعون وقومه الذين اتبعوه على الكفر والطغيان