للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قومك: من خلقهم؟ ليقولنّ: اللَّه خلقنا {فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ} فأيُّ وجه يصرفون عن عبادة الذي خلقهم، ويحرمون إصابة الحق في عبادته).

وقوله تعالى: {وَقِيلِهِ يَارَبِّ إِنَّ هَؤُلَاءِ قَوْمٌ لَا يُؤْمِنُونَ}.

قال قتادة: (هذا قول نبيهم عليه الصلاة والسلام يشكو قومه إلى ربه). قال مجاهد: (فأبرّ اللَّه عز وجل قول محمد -صلى اللَّه عليه وسلم-).

وفي لفظ: {وَقِيلِهِ} تأويلان -على قراءة النصب- قراءة قراء مكة والبصرة. أي: "وقيلَه".

التأويل الأول: العطف على قوله: {أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ}. أي: ونسمع قيلَه يا رب.

التأويل الثاني: أن يقّدر فِعل. أي: "وقال قيلَه".

وأما على القراءة بالكسر: "وقيلِه" -قراءة قراء الكوفة- فالتأويل العطف كما يلي: "وعنده علم الساعة وعلم قيله".

قال القرطبي: (في {وَقِيلِهِ} ثلاث قراءات: النصب، والجرّ، والرفع. فأمّا الجرّ فهي قراءة عاصم وحمزة. وبقية السبعة بالنصب. وأما الرفع فهي قراءة الأعرج وقتادة وابن هُرْمُز ومسلم بن جُندب. فمن جرّ حمله على معنى: وعنده علم الساعة وعلم قيله. ومن نصب فعلى معنى: وعنده علم الساعة ويعلم قيلَه، وهذا اختيار الزجاج. وقال الفراء والأخفش يجوز أن يكون "وقيله" عطفًا على قوله {أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ}).

وقوله: {فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلَامٌ}. أَمْرٌ بالإعراض عنهم وتوديعهم بالسلام، ولم يجعله تحية لهم. أي: أعرض عن هؤلاء المشركين من قومك -يا محمد- ولا تجاوبهم بمثيل سيئ كلامهم بل تألفهم واصفح عنهم فِعلًا وقولًا. قال القاسمي: ({وَقُلْ سَلَامٌ} أي: لكم أو عليكم. أو أمري سلام. أي متاركة، فهو سلام متاركة لا تحية).

وقوله: {فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ}. تهديد ووعيد. أي سيعلمون قريبًا إذا نزل بهم بأس اللَّه ووعده، وأعلى دينه وأولياءه، وشرع لهم الجهاد والجلاد، وانتشروا في الأرض ودخل الناس في دين اللَّه أفواجًا، كيف يكون الخزي عليهم والذل يحيط بهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>