للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويُعبد في الأرض). قلت: فإنه سبحانه لم يقل: (وهو اللَّه في السماء وهو اللَّه في الأرض)، فإن لفظ الإله في لغة العرب لا تعني إلا المعبود والمألوه والمطاع. فيكون المعنى للمتبصر في لغة العرب: (وهو الذي في السماء معبود وفي الأرض معبود). فالملائكة في عبادة مستمرة لا يفترون. وكذلك المؤمنون في الأرض يتقلبون بين أصناف العبادة في كل وقت وحين.

وقوله: {وَهُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ}. قال ابن جرير: (الحكيم في تدبير خلقه وتسخيرهم لما يشاء، العليم بمصالحهم).

وقوله: {وَتَبَارَكَ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا}.

تبارك: تفاعل من البركة. قال ابن كثير: (أي استقرَّ له السلامةُ من العيوب والنقائص، لأنه الربُّ العَلِيُّ العظيمُ، المالك للأشياء، الذي بيده أزمَّةُ الأمورِ نقضًا وإبرامًا).

وقوله: {وَعِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ}. أي وقت قيامها، فلا يُجَلِّيها لوقتها إلا هو.

وقوله: {وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ}. أي للحساب، لنوال الثواب، ونكال العقاب. فيجازي كلًا بعمله، إن خيرًا فخير، وإن شرًا فشر.

وقوله: {وَلَا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الشَّفَاعَةَ}. قال مجاهد: (عيسى وعزير، والملائكة). أي لا يملك من دُعي من الأصنام والأوثان وغيرهم أن يشفعوا عند اللَّه.

وقوله: {إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ}. قال سعيد بن جبير: (-المعنى- ولا يملك هؤلاء (١) الشفاعة إلا لمن شهد بالحق وآمن على علم وبصيرة. قال: وشهادة الحق لا إله إلا اللَّه). قال قتادة: (الملائكة وعيسى وعزير قد عُبدوا من دون اللَّه، ولهم شفاعة عند اللَّه ومنزلة).

وخلاصة المعنى كما قال الحافظ ابن كثير: ({إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ}، هذا استثناء منقطع، أي: لكن مَن شهد بالحق على بصيرة وعلم، فإنه تنفع شفاعتُه عنده بإذنه له).

وقوله تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ}.

قال ابن جرير: (يقول تعالى ذكره: ولئن سألت يا محمد هؤلاء المشركين باللَّه من


(١) المراد عيسى وعزير والملائكة ونحوهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>