في هذه الآيات: إخبارُ اللَّه تعالى عن فضله ونعمه على بني إسرائيل ومقابلة بعضهم نعمه بالبغي والظلم، وامتنانُ اللَّه على رسوله -صلى اللَّه عليه وسلم- بشريعة غراء فيها الحكم والعلم، وأمْره تعالى نبيّه بالثبات على الحق ومخالفة أهل الشرك والإثم.
قال ابن جرير:(الكتاب: يعني التوراة والإنجيل. والحكم: يعني الفهم بالكتاب والعلم بالسنن التي لم تنزل في الكتاب. والنبوة: يقول: وجعلنا منهم أنبياء ورسلًا إلى الخلق).
وقوله:{وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ}. أي: من المآكل والمشارب. قال القرطبي:(أي: الحلال من الأقوات والثمار والأطعمة التي كانت بالشام. وقيل: يعني المَنّ والسَّلوى في التّيه).
وقوله:{وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ}. أي على عالَمِي زمانهم.
وقوله:{وَآتَيْنَاهُمْ بَيِّنَاتٍ مِنَ الْأَمْرِ}. قال ابن كثير:(أي: حُجَجًا وبراهين وأدلة قاطعات، فقامت عليهم الحجج).
وقوله:{فَمَا اخْتَلَفُوا إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ}. أي: فما حصل الاختلاف بينهم إلا بعد قيام حجة اللَّه البالغة عليهم، وإنما كان ذلك طلبًا للرياسات ورغبة في المناصب الدينية الواهية؛ لأنها كانت على حساب الحق.
أي: إن ربك -يا محمد- سيفصل بينهم يوم الحساب بالحق، فينصر المحق ويخذل المبطل، ويكشف البغي والحسد وطلب الرياسة في الدين على حساب الحق. وفي الآية تحذير لهذه الأمة أن تسلك في دينها مسلك بني إسرائيل.