وقوله:{ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا}. قال ابن عباس:(يقول: على هدى من الأمر وبينة). وقال قتادة:(والشريعة: الفرائض والحدود والأمر والنهي فاتبعها {وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ}).
وقال ابن زيد:({ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ} قال: الشريعة: الدين. وقرأ:{شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ}. قال: فنوح أولهم وأنت آخرهم).
وقوله:{وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ}. أي: ولا تتبع ما دعاك إليه الجاهلون.
وقوله:{إِنَّهُمْ لَنْ يُغْنُوا عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا}. أي: فهؤلا -يا محمد- لن يغنوا عنك لو اتبعتهم من عقاب اللَّه وسخطه، والكلام يتوجه للأمة من بعد نبيها لتحمل الدين بقوة ولا تمضي وراء أهواء الجاهلين والظالمين.
أي: وإن الظالمين بعضهم أنصار بعض، واللَّه يلي من اتقاه. قال النسفي:(وما أبين الفضل بين الولايتين). وقال ابن كثير:({وَإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ}، أي: وماذا تُغني عنهم وَلَايَتَهُم لبعضهم بعضًا، فإنهم لا يزيدونهم إلا خسارًا ودمارًا وهَلاكًا، {وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ}. وهو تعالى يخرجهم من الظلمات إلى النور، والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات).
وقوله:{هَذَا بَصَائِرُ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ}. قال ابن زيد:(القرآن. هذا كله إنما هو في القلب. قال: والسمع والبصير في القلب. وقرأ:{فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ}. وليس بِبَصر الدنيا ولا بسمعها).
قال الزمخشري:(جعل ما فيه من معالم الدين والشرائع، بمنزلة البصائر في القلوب كما جعل روحًا وحياة). أي: فهو تشبيه بليغ {وَهُدًى} أي: من الضلالة {وَرَحْمَةٌ} أي: من العذاب لمن آمن وأيقن {لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ} أي: يطلبون اليقيق - ذكره القاسمي.