للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَلِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (٢٢) أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (٢٣)}.

في هذه الآيات: مخالفةُ اللَّه تعالى بين المؤمنين والفاسقين في الدارين، وخلقُه تعالى السماوات والأرض بالحق ثم الحساب في الآخرة وهم لا يظلمون، وختمُ اللَّه على أسماع وقلوب أهل الهوى، وطمس عيونهم وأبصارهم عن الهدى.

فقوله: {أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ}.

الاجتراح: الاكتساب. قال قتادة: (لقد تفرق القوم في الدنيا، وتفرقوا عند الموت، فتباينوا في المصير).

والمقصود: هل من اجترح السيئات واكتسب الآثام وكذب الرسل وعبد غير اللَّه كمن صدق اللَّه الإيمان والعمل الصالح؟ ! كلا لا يستوون في أحوال محياهم ومماتهم.

وفي التنزيل نحو ذلك:

١ - قال تعالى: {أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ (٣٥) مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ} [القلم: ٣٥ - ٣٦].

٢ - وقال تعالى: {لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ} [الحشر: ٢٠].

٣ - وقال تعالى: {أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لَا يَسْتَوُونَ} [السجدة: ١٨].

وفي الصحيحين والمسند عن ابن عمر قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: [إن اللَّه يدنى المؤمن فيضع عليه كَنَفَهُ (١) ويسترُه فيقول: أتعرف ذنبَ كذا؟ أتعرف ذنب كذا؟ فيقول: نعم أي ربِّ، حتى قرَّره بذنوبه، ورأى فى نفسه أنه قد هلك، قال: سترتها عليك في الدنيا وأنا أغفرها لك اليوم، فيعطى كتاب حسناته. وأما الكفار والمنافقون فينادى بهم على رؤوس الخلائق: {هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ} [هود: ١٨]] (٢).


(١) أي: حفظه وستره.
(٢) حديث صحيح. أخرجه البخاري (٢٤٤١)، وأخرجه مسلم (٢٧٦٨)، وأخرجه أحمد (٢/ ٧٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>