وكل هذه الأقوال متقاربة متكاملة مفادها أن الأثارة: هي البقية من العلم الذي ثَبَتَ في كتب الأولين، فطالبهم اللَّه تعالى بإخراج مثل هذه الوثيقة التي تدل على صحة النهج الذي هم عليه، ولذلك ختم الآية بقوله:{إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ}.
توبيخ للمشركين لقبح اختيارهم في عبادتهم من لا يستحيب إذا دعي، ولا يسمع إذا نودي. قال القرطبي:({وَمَنْ أَضَلُّ} أي لا أحد أضل وأجهل {مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لَا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ} وهي الأوثان. {وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ} يعني لا يسمعون ولا يفهمون، فأخرجها وهي جماد مخرج ذكور بني آدم، إذ قد مثلتها عبدتها بالملوك والأمراء التي تُخدم).
وفي الصحيحين من حديث أبي سعيد الخدري مرفوعًا: [إذا كان يوم القيامة أذَّنَ مؤذن: لِيَتَّبعْ كل أمة ما كانت تعبد. فلا يبقى أحد كان يعبد غير اللَّه من الأصنام والأنصاب إلا يتساقطون في النار، حتى إذا لم يَبْقَ إلا مَنْ كان يَعْبد اللَّه بَرٌّ أو فاجِرٌ وغُبَّراتُ أهْلِ الكتاب، فَيُدْعى اليَهودُ، فيقال لهم: ما كنتم تَعْبدون؟ قالوا: كُنّا نَعْبُدُ عُزيرًا ابنَ اللَّه، فَيُقال لهم: كذبتم ما اتَّخَذَ اللَّهُ من صاحبةٍ ولا وَلَدٍ، فماذا تبغون؟ فقالوا: عَطِشنا رَبَّنا فاسْقِنا، فَيُشارُ ألا تَرِدون! فَيُحْشَرون إلى النار كأنها سرابٌ يَحْطِمُ بَعْضُها بَعْضًا فيتساقطون في النار، ثم يُدْعى النَّصارى فيُقال لهم: ما كنتم تَعبدون؟