للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالوا: كُنّا نَعْبُدُ المسيحَ ابن اللَّه، فَيُقال لهم: كَذَبْتُم ما اتَّخَذَ اللَّه من صاحِبة، فيقال لهم: ماذا تَبْغُون؟ فكذلك مِثْلَ الأوَّل. . . .] الحديث (١).

٧ - ٩. قوله تعالى: {وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ (٧) أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَلَا تَمْلِكُونَ لِي مِنَ اللَّهِ شَيْئًا هُوَ أَعْلَمُ بِمَا تُفِيضُونَ فِيهِ كَفَى بِهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (٨) قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ وَمَا أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ (٩)}.

في هذه الآيات: اتهامُ الكفار الحق بالسحر، وافتراؤهم الكذب على سيد البشر، وبلاع الرسول المبين لقومه ينذرهم مغبة الاستمرار على الكبر.

فقوله: {وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ} -يعني القرآن. قال النسفي: ({بَيِّنَاتٍ} جمع بينة، وهي الحجة والشاهد، أو واضحات مبينات).

وقوله: {قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ}. قال القاسمي: (أي: بادهوه بالجحود أول ما سمعوه، من غير إجالة فكر، ولا إعمال روية).

وقوله: {أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَلَا تَمْلِكُونَ لِي مِنَ اللَّهِ شَيْئًا}.

المعنى: أم يقولون تقوّله محمد، {قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ} على سبيل الفرض، فإنكم لا تقدرون دفع عذاب اللَّه عني، فكيف أفتري على اللَّه لأجلكم.

وقوله: {هُوَ أَعْلَمُ بِمَا تُفِيضُونَ فِيهِ}. قال مجاهد: (أي تقولونه). وقيل: (تخوضون فيه من التكذيب). قال القرطبي: (والإفاضة في الشيء: الخوض فيه والاندفاع). وفي التنزيل: {فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ} -أي دفعتم.

وقوله: {كَفَى بِهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ}. تهديد ووعيد، وترهيب شديد. ونصب {شَهِيدًا} على التمييز. والمقصود: كفى باللَّه أن يعلم صدقي ويشهد أنكم مبطلون مكذبون.


(١) حديث صحيح. أخرجه البخاري (٤٥٨١) - كتاب التفسير، في أثناء حديث طويل، وانظر كذلك الحديث (٢٢) - كتاب الإيمان، ورواه مسلم في الصحيح (١/ ١١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>