للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{فَجَعَلْنَاهَا نَكَالًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهَا وَمَا خَلْفَهَا} [البقرة: ٦٦]، وكقوله جل وعلا: {فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ (١٣) إِذْ جَاءَتْهُمُ الرُّسُلُ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ قَالُوا لَوْ شَاءَ رَبُّنَا لَأَنْزَلَ مَلَائِكَةً فَإِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ} [فصلت: ١٣ - ١٤]).

وقوله: {إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ}. أي يقول هود لقومه: إني أخاف عليكم بإصراركم على عبادة غير اللَّه عذاب يوم تعظم فيه الأهوال والشدائد، وهو يوم القيامة.

وقوله: {قَالُوا أَجِئْتَنَا لِتَأْفِكَنَا عَنْ آلِهَتِنَا}. قال ابن زيد: (لتزيلنا). أي: أجابوه قائلين: أجئتنا لتصدنا وتصرفنا عن عبادة آلهتنا؟ .

وقوله: {فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ}. إخبار عن استعجالهم العقوبة والعذاب، استهتارًا واستبعادًا من وقوع ذلك. قال ابن زيد: ({فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا} من العذاب على عبادتنا ما نعبد من الآلهة {إِنْ كُنْتَ} من أهل الصدق في قوله وعداته).

وقوله: {قَالَ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ وَأُبَلِّغُكُمْ مَا أُرْسِلْتُ بِهِ}. أي: قال هود لقومه عاد. إنما العلم بمجيء ما أعدكم من العذاب على كفركم عند اللَّه، وإنما أنا رسول أبلغكم رسالة ربي إليكم.

وقوله: {وَلَكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ}. قال ابن جرير: ({تَجْهَلُونَ} مواضع حظوظ أنفسكم فلا تعرفون ما عليها من المضرّة بعبادتكم غير اللَّه، وفي استعجال عذابه).

وقوله: {فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا}. العارض: السحاب الذي يعرض في أفق السماء. والمقصود: فلما رأوا العذاب مستقبلهم ظنوا أنه عارضٌ ممطر، فاستبشروا وفرحوا بقدوم الغيث وقد كانوا مُمْحلِين محتاجين إلى المطر.

وقوله: {بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ}.

أي: بل القادم هو ريح شديدة تحمل الدمار والهلاك. قال ابن عباس: (أوّل ما رأوا العارض قاموا فمدّوا أيديهم، فأوّل ما عرفوا أنه عذاب رأوا ما كان خارجًا من ديارهم من الرجال والمواشي تطير بهم الريح ما بين السماء والأرض مثل الريش، فدخلوا بيوتهم وأغلقوا أبوابهم، فقلعت الريح الأبواب وصرعتهم، وأمر اللَّه الريح فأمالت عليهم الرمال، فكانوا تحت الرمال سبع ليال وثمانية أيام حسومًا، ولهم أنين).

وقوله: {تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا}. قال ابن عباس: (أي كل شيء بُعثت إليه).

<<  <  ج: ص:  >  >>