إليكم]، {وَزَيَّنَهُ} بتوفيقه {فِي قُلُوبِكُمْ} أي حسّنه إليكم حتى اخترتموه).
وقوله:{وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ}. قال ابن عباس:(يريد به الكذب خاصة). وقيل: كل ما خرج عن الطاعة. قال النسفي:({وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ} وهو تغطية نعم اللَّه ونجمطها بالجحود {وَالْفُسُوقَ} وهو الخروج عن محجة الإيمان بركوب الكبائر {وَالْعِصْيَانَ} وهو ترك الانقياد بما أمر به الشارع).
وقوله:{أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ}. الرشد: الاستقامة على طريق الحق مع تصلب فيه، من "الرشادة" وهي الصخرة. قال القاسمي: ({أُولَئِكَ} أي الموصوفون بمحبة الإيمان، وتزينه في قلوبهم، وكراهتهم المعاصي {هُمُ الرَّاشِدُونَ}" أي السالكون طريق الحق).
أخرج الإمام أحمد في المسند، والنسائي في "الكبرى" بسند صحيح عن عُبيد اللَّه بن رفاعة عن أبيه قال: [لما كان يوم أحد وانكفأ المشركون، قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: استووا حتى أثني على ربي، فصاروا خلفه صفوفًا، فقال: اللهم لك الحمد كله، اللهم لا قابض لما بسطت، ولا باسطَ لما قبضت، ولا هادي لما أضللت، ولا مضل من هديت، ولا معطي لما منعت، ولا مانع لما أعطيت، ولا مقرب لما باعدت، ولا مباعد لما قربت، اللهم ابسط علينا من بركاتك ورحمتك وفضلك ورزقك، اللهم إني أسألك النعيم المقيم الذي لا يحول ولا يزول، اللهم إني أسألك النعيمَ يوم العَيْلة، والأمن يوم الخوف، اللهم إني عائذ بك من شر ما أعطيتنا وشر ما منعت، اللهم حبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا، وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان، واجعلنا من الراشدين، اللهم توفنا مسلمين وأحينا مسلمين وألحقنا بالصالحين غير خزايا ولا مفتونين، اللهم قاتل الكفرة الذين يكذبون رسلك، ويصدّون عن سبيلك، واجعل عليهم رجزك وعذابك، اللهم قاتل الكفرة الذين أوتوا الكتاب إله الحق](١).
وقوله تعالى:{فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ}. قال ابن كثير: (أي: هذا العطاء الذي منحكموه هو فضل منه عليكم ونعمة من لدنه {وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ}، أي:
(١) حديث صحيح. أخرجه أحمد (٣/ ٤٢٤)، ورجاله رجال الصحيح. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (١٠٤٤٥)، وانظر كتابي: السيرة النبوية (٢/ ٧٤٠) لتفصيل الموقف.