للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحديث الثالث: أخرج الإمام أحمد بسند حسن في الشواهد عن سهل بن سعد الساعدي يحدِّثُ عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: [إن المؤمن من أهل الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد، يألَمُ المؤمن لأهل الإيمان كما يألَمُ الجَسَدُ لما في الرأس] (١).

الحديث الرابع: أخرج مسلم وأبو داود عن أبي الدرداء قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: [ما مِنْ عَبْدٍ مُسْلم يدعو لأخيه بظهر الغيب إلا قال الملك: ولك بِمثل] (٢).

١١ - ١٢. قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (١١) يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ (١٢)}.

في هذه الآيات: توجيهٌ من اللَّه العظيم عباده المؤمنين، لاجتناب عادات القوم الفاسقين، من السخرية فيما بينهم واللمز والتنابز بالألقاب وسوء الظن والتجسس والغيبة وغير ذلك من العادات التي تسخط اللَّه، واللَّه غفور رحيم.

فقوله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ}. نهي عن السخرية بالناس أو احتقارهم والاستهزاء بهم. قال ابن جرير: (إن اللَّه عمَّ بنهيه المؤمنين عن أن يسخر بعضهم من بعض جميع معاني السخرية، فلا يحل لمؤمن أن يسخر من مؤمن لا لفقره ولا لذنب ركبه ولا لغير ذلك). قال ابن كثير: (فإنه قد يكون المحتقر أعظمَ قدرًا عند اللَّه تعالى وأحبَّ إليه من الساخر منه المحتقِر له، ولهذا قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ}، فنَصَّ على نَهْي الرجال، وعطفَ بنهي النساء).


(١) حسن لغيره. أخرجه أحمد في المسند (٥/ ٣٤٠)، وإسناده حسن في الشواهد.
(٢) حديث صحيح. أخرجه مسلم في الصحيح (٢٧٣٢) - كتاب الذكر والدعاء، وأخرجه كذلك (٢٧٣٣)، ورواه أبو داود في السنن (١٥٣٤) من حديث أبي الدرداء.

<<  <  ج: ص:  >  >>