للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال القرطبي: ({وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ} أفرد النساء بالذى لأن السّخرية منهم أكثر).

ومن صحيح السنة العطرة في آفاق ذلك أحاديث، منها:

الحديث الأول: روى مسلم في صحيحه من حديث عبد اللَّه بن مسعود مرفوعًا: [الكبر بطرُ الحق وغَمْطُ الناس] (١). والمراد احتقارهم واستصغارهم.

الحديث الثاني: أخرج الترمذي بسند صحيح عن عائشة قالت: [حَكَيت للنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- رجلًا، فقال: ما يسرني أني حَكَيت رجلًا وأن لي كذا وكذا. قالت فقلت: يا رسول اللَّه، إن صفية -وقالت بيدها- هكذا، يعني أنها قصيرة. فقال: لقد مزجت بكلمةٍ لو مُزج بها البحر لمزج] (٢).

الحديث الثالث: أخرج الطبراني وابن عساكر بسند جيد عن شقيق قال: [لبّى عبد اللَّه رضي اللَّه عنه على الصفا، ثم قال: يا لسان قل خيرًا تغنم، اسكت تسلم، من قبل أن تندم، قالوا: يا أبا عبد الرحمن هذا شيء أنت تقوله أم سمعته؟ قال: لا، بل سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: أكثر خطايا ابن آدم في لسانه] (٣).

وقوله: {وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ}. قال مجاهد: (لا تطعنوا). وقال قتادة: (ولا يطعن بعضكم على بعض).

قلت: واللمز في لغة العرب العيب، وأصله الإشارة بالعين ونحوها. ورجل لَمّاز ولُمَزَة: أي عيّاب. ومنه قوله تعالى: {وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ}.

قال الطبري: (اللَّمْزُ باليد والعين واللسان والإشارة. والهَمْزُ لا يكون إلا باللسان). وقوله: {وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ} كقوله تعالى: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ} أي لا يقتل بعضكم بعضًا، فمن قتل مسلمًا كأنما قتل نفسه، لأن المؤمنين كنفس واحدة. فيكون المعنى: ولا يعب بعضكم بعضًا.

وقوله: {وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ}. أي: لا تداعوا بالألقاب. قال أبو جعفر: (والنبز


(١) حديث صحيح. أخرجه مسلم في الصحيح (٩١) - كتاب الإيمان - باب تحريم الكبر وبيانه. وأخرجه أبو داود في السنن (٤٠٩١)، والترمذي (١٩٩٩).
(٢) حسن صحيح. أخرجه الترمذي (٢٥٠٢)، (٢٥٠٣)، ورجاله رجال الصحيح.
(٣) حديث صحيح. أخرجه الطبراني (٣/ ٧٨/ ١ - ٢)، وابن عساكر (١٥/ ٣٨٩/ ١)، وإسناده على شرط مسلم. انظر سلسلة الأحاديث الصحيحة (٥٣٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>