للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإسلام لئلا يدّعوا مقام من سبقهم وصار في سجل أهل الإيمان، ولا دليل على أنهم كانوا منافقين كما ذهب البخاري وغيره.

وقوله: {وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ}. قال ابن كثير: (قوم ادّعوا لأنفسهم مقام الإيمان، ولم يحصُل لهم بعد، فَأُدِّبُوا وأُعْلِمُوا أن ذلك لم يصلوا إليه بعد، ولو كانوا منافقين لَعُنِّفُوا وفُضِحوا، كما ذُكِرَ المنافقون في سورة براءة).

وقوله: {وَإِنْ تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا}. قال مجاهد: "لَا يَلِتْكُم": لا ينقصكم). قال ابن زيد: (إن تصدقوا إيمانكم بأعمالكم يقبل ذلك منكم).

والمقصود: إِنْ تخلصوا الطاعة للَّه ولرسوله لا ينقصكم ربكم من أجور طاعتكم شيئًا.

وقوله: {إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}. أي من أطاعه وتاب إليه من سالف ذنوبه، فأنيبوا إليه أيها الأعراب، واستغفروا ذنوبكم، واسلكوا سبيل الإيمان بصدق تنلكم رحمته سبحانه.

وقوله: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا}. تعريف بحقيقة أهل الإيمان. قال القاسمي: (أي لم يقع في نفوسهم شك فيما آمنوا به من وحدانية اللَّه ونبوّة نبيّه، وألزموا نفوسهم طاعة اللَّه، وطاعة رسوله، والعمل بما وجب عليهم من فرائض اللَّه بغير شك في وجوب ذلك عليهم).

وقوله: {وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ}. أي: وأضافوا إلى ما سبق مجاهدة المشركين ببذل أموالهم ومهجهم في سبيل اللَّه، لتكون كلمة اللَّه هي العليا وكلمة الذين كفروا هي السفلى.

وقوله: {أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ}. قال ابن زيد: (صدقوا إيمانهم بأعمالهم).

والمقصود: هؤلاء هم المتصفون بهذه الأعمال: من أعمال القلب واللسان والجوارح هم الذين صدقوا في اذعاء الإيمان، لظهور أثر الصدق على جوارحهم، وتصديق أفعالهم وأقوالهم.

وقوله: {قُلْ أَتُعَلِّمُونَ اللَّهَ بِدِينِكُمْ}. أي بما أنتم عليه من الطاعة والامتثال لمعالم الدين. قال ابن جرير: (هذا تقدم من اللَّه إلى هؤلاء الأعراب بالنهي عن أن يكذبوا ويقولوا غير الذي هم عليه في دينهم. يقول: اللَّه محيط بكل شيء عالم به، فاحذروا أن تقولوا خلاف ما يعلم من ضمائر صدوركم، فينالكم عقوبته، فإنه لا يخفى عليه شيء).

<<  <  ج: ص:  >  >>