للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأخرج الترمذي بسند صحيح عن ابن عباس -أيضًا-: [{الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ}. قال: قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-:

إن تَغْفِر اللهمَّ تغفر جَمَّا ... وأَيُّ عَبْدٍ لك لا ألَمَّا] (١)

قال مجاهد: (هو الذي يأتي بالذنب ثم لا يعاوده).

وفي الصحيحين عن ابن عباس قال: [ما رأيت شيئًا أشْبَهَ باللَّمم مما قال أبو هريرة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: إن اللَّه كَتبَ على ابن آدمَ حَظَّهُ من الزِّنا، أدركَ ذلكَ لا مَحَالَةَ، فزِنا العينِ: النَّظَرُ، وزِنا اللسانِ: المَنْطِقُ، والنَّفْسُ تتمنَّى وتَشْتَهي، والفَرْجُ يُصَدِّقُ ذلك كُلَّهُ ويكَذِّبُهُ] (٢).

وفي رواية لمسلم عن أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: [كُتِبَ على ابنِ آدمَ نصيبُهُ من الزِّنى، مُدْرِكٌ ذلك لا مَحَالَةَ، فالعينان زِناهُما النَّظَر، والأُذُنان زِناهما الاستماعُ، واللسانُ زناه الكلام، واليَدُ زناها البَطْشُ، والرِّجْلُ زناها الخُطا، والقلبُ يهوى ويتمنّى، ويُصَدِّق ذلك الفرجُ ويُكذِّبُه].

وقوله: {إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ}. أي: لمن تاب من ذنبه واستغفر - قاله ابن عباس. فرحمته تعالى وسعت كل شيء، ومغفرته تسع الذنوب كلها لمن تاب منها، وفي التنزيل: {قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [الزمر: ٥٣].

وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فيما يَحْكي عن ربه عز وجل قال: [أَذْنَبَ عَبْدٌ ذَنْبًا، قال: اللهمَّ! اغْفِر لي ذنبي، فقال تبارك وتعالى: أَذْنَبَ عَبْدي ذَنْبًا، عَلِمَ أنَّ له رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ، ويَأخُذُ بالذَّنب، ثم عادَ فأذْنَبَ، فقال: أيْ ربِّ! اغفِر لي ذَنْبي، فقال تباركَ وتعالى: عبدي أَذْنَبَ ذَنْبًا، فَعَلِمَ أنَّ له ربًّا يغفِرُ الذَّنْبَ، ويأخذُ بالذَّنْبِ، ثُمَّ عاد فأذْنَبَ، فقال: أي ربِّ! اغفر لي ذَنْبي، فقال تبارك وتعالى: أَذْنَبَ


(١) حديث صحيح. انظر صحيح سنن الترمذي (٢٦١٧) - عند تفسير هذه الآية، ورواه الحاكم (٢/ ٤٦٩)، وصححه على شرطهما، ووافقه الذهبي، وهو كما قالا.
(٢) حديث صحيح. أخرجه البخاري (٦٢٤٣) - كتاب الاستئذان، ورواه مسلم (٢٦٥٧) - كتاب القدر، ورواه عبد الرزاق في "التفسير" (٣٠٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>