وفي صحيح مسلم من حديث عبد اللَّه بن عمرو مرفوعًا: [ثم ينفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون. ثم يقال: أيها الناس هلموا إلى ربكم {وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ} ثم يقال: أخرجوا بعث النار، فيقال: كم؟ فيقال: من كل ألف تسع مئة وتسعة وتسعين، فيومئذ تبعث الولدان شيبًا، ويومئذ يكشف عن ساق] (١).
في هذه الآيات: قصة تكذيب الرسل منذ كَذَّبَ قوم نوح نبيهم عليه السلام، فلجأ إلى اللَّه بالدعاء حين استعصوا فجاء الانتقام، وجعل سبحانه قصة إهلاكهم آية تتناقلها الأجيال على مرّ الزمان.
فقوله:{كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُوا عَبْدَنَا}. تهديد للمشركين من أهل مكة، وتسلية للنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- عما يلقاه من أذاهم وتكذيبهم.
وقوله:{وَقَالُوا مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ}. قال مجاهد:(استطير جنونًا). وقال مجاهد أيضًا:(استعر جنونًا). وقال ابن زيد:(اتهموه وزجروه وأوعدوه لئن لم يفعل ليكوننّ من المرجومين، وقرأ:{لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يَانُوحُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمَرْجُومِينَ}[الشعراء: ١١٦]). وكلا المعنيين متوجه مناسب للسياق.
وقوله تعالى:{فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ}. قال ابن جرير:(يقول تعالى ذكره: فدعا نوح ربه: إن قومي قد غلبوني، تمرّدًا وعتوًّا، ولا طاقة لي بهم، فانتصر منهم بعقاب من عندك على كفرهم بك).
(١) حديث صحيح. أخرجه مسلم في الصحيح -حديث رقم- (٢٩٤٠)، وأخرجه أحمد في المسند (٢/ ١٦٦) في أثناء حديث طويل.