النذر عنهم وهم معرضون عنها). وقال ابن كثير:(يعني: أيُّ شيء تغني النذر عَمَّن كتب اللَّه عليه الشقاوة، وختم على قلبه؟ فمن الذي يهديه من بعد اللَّه؟ وهذه الآية كقوله تعالى:{قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ}[الأنعام: ١٤٩]. وكذا قوله تعالى:{وَمَا تُغْنِي الْآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ}[يونس: ١٠١]).
في هذه الآيات: أَمْرُ اللَّه تعالى نبيّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بالإعراض عن المشركين، وتَرَقُّبِ نزول الانتقام بهم يوم الدين، يوم هم على النار يفتنون.
فقوله:{فَتَوَلَّ عَنْهُمْ}. أي: فأعرض عن هؤلاء المشركين من قومك -يا محمد- الذين إن يروا آية يعرضوا ويقولوا: سحر مستمر، وانتظر لهم {يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ إِلَى شَيْءٍ نُكُرٍ}. قال ابن كثير:(إلى شيء مُنكَر فَظِيع، وهو موقف الحساب، وما فيه من البلاء، بل والزلازل والأهوال).
وقوله:{خُشَّعًا أَبْصَارُهُمْ}. قال قتادة:(أي ذليلة أبصارهم). قال القرطبي:(الخشوع في البصر الخضوع والذلّة، وأضاف الخشوع إلى الأبصار لأن أثر العزّ والذّل يتبين في ناظر الإنسان، قال اللَّه تعالى:{أَبْصَارُهَا خَاشِعَةٌ}[النازعات: ٩]. وقال تعالى:{خَاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ}[الشورى: ٤٥]).
وقوله:{يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ}. أي من القبور، واحدها جدث.
وقوله:{كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُنْتَشِرٌ}. أي: كأنهم في انتشارهم -بعد خروجهم من قبورهم- وسعيهم إلى موقف الحساب جراد منتشر في الآفاق.
وقوله:{مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ}. أي: مسرعين بنظرهم قِبَل داعيهم إلى ذلك الموقف الرهيب، فلا يخالفون ولا يتأخرون. قال قتادة:{مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ}: أي عامدين إلى الداع). وقال النسفي:(مسرعين مادي أعناقهم إليه).
وقوله:{يَقُولُ الْكَافِرُونَ هَذَا يَوْمٌ عَسِرٌ}. أي صعب شديد، عبوس قمطرير، كثير الأهوال والشدائد. قال ابن جرير:(وإنما وصفوه بالعسر لشدة أهواله وبلْباله). قال اللَّه