في هذه الآيات: إثبات خلق الإنسان من الصلصال والجان من النار، وإظهار بعض الآيات البديعة في الخلق في الأنهار والبحار.
فقوله تعالى:{خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ}. أي من الطين اليابس الذي له صلصلة إذا حرّك ونقر كالفخار. قال ابن عباس:({مِنْ صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ}: الطين اليابس). وقال عكرمة:(الصلصال: طين خُلط برمل فكان كالفخار). وقال مجاهد:(الصلصال: الترابُ اليابسُ الذي يُسمع له صلصلة فهو كالفخار). والفخار: هو الذي قد طُبخَ من الطين بالنار.
وفي جامع الترمذي بسند صحيح عن أبي موسى الأشعري قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: [إنّ اللَّه خلق آدم من قُبْضَةٍ قَبَضَها من جميع الأرض، فجاء بنو آدم على قَدْرِ الأرض، فجاء منهم الأحمرُ، والأبيضُ، والأسودُ، وبَيْنَ ذلك، والسَّهْلُ، والحَزْنُ، والخبيثُ، والطَّيبُ](١).
وقوله تعالى:{وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ}. أي من طرف لهبها. قال مجاهد:(اللهب الأصفر والأخضر الذي يعلو النار إذا أوقدت). وقال ابن عباس:({مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ}: من لهب النار، من أحسنها). أو قال:(من خالصِ النار). قال ابن جرير:(يقول تعالى ذكره: {وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ}، وهو ما اختلط بعضه ببعض، من بين أحمر وأصفر وأخضر، من قولهم: مَرِج أمر القوم: إذا اختلط).
(١) حديث صحيح. أخرجه الترمذي في "التفسير". انظر صحيح سنن الترمذي (٢٣٥٥).