الأنبياء، وبعضهم أممًا يتلون الكتب المنزلة من السماء: التوراة والإنجيل والزبور والفرقان). وقال ابن عباس: (الكتاب الخط بالقلم).
وقوله: {فَمِنْهُمْ مُهْتَدٍ}. أي: فمن ذرية إبراهيم ونوح مهتد إلى الحق مستبصر سبيل الرشاد والنجاة. {وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ} أي: كافرون خارجون عن الطاعة.
وقوله: {ثُمَّ قَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِمْ بِرُسُلِنَا}. أي: ثم أتبعنا على آثار نوح وإبراهيم برسلنا الذين أرسلناهم في أقوامهم: كموسى وإلياس وداود وسليمان ويونس وغيرهم.
وقوله: {وَقَفَّيْنَا بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَآتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ}. أي: وأتبعنا بعيسى -فهو من ذرية إبراهيم من جهة أمه- وآتيناه الإنجيل: وهو الكتاب الذي أوحيناه إليه.
وقوله: {وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً}. {رَأْفَةً} أي: رقة وخشية ومودة ولينًا. {وَرَحْمَةً} تعطفًا على إخوانهم، كما قال في صفة أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: {رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ}.
وقوله: {وَرَهْبَانِيَّةً}. قال النسفي: (هي ترهبهم في الجبال فارّين من الفتنة في الدين مخلصين أنفسهم للعبادة، وهي الفعلة المنسوبة إلى الرهبان، وهو الخائف فعلان من رهب كخشيان من خشي، وانتصابها بفعل مضمر يفسّره الظاهر، تقديره: وابتدعوا رهبانية).
وقوله: {ابْتَدَعُوهَا}. أي: ابتدعها أمة النصارى، فأخرجوها من عند أنفسهم ونذروها.
وقوله: {مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ}. أي: ما شرعناها لهم، وإنما هم ألزموا بها أنفسهم.
وقوله: {إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ}. فيه تفسيران متكاملان:
التفسير الأول: إنهم قصدوا بذلك رضوان اللَّه. قال قتادة: (لم تكتب عليهم، ابتدعوها ابتغاء رضوان اللَّه). وقال ابن زيد: (ابتدعوها ابتغاء رضوان اللَّه تطوعًا، فما رَعَوْها حق رعايتها).
التفسير الثاني: ما كتبنا عليهم ذلك السلوك في العبادة، إنما كتبنا عليهم ما كان ابتغاء رضوان اللَّه -أي على منهاج النبوة.
وقوله: {فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا}. قال ابن كثير: (أي: فما قاموا بما التزموه حقَّ