للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الباطل مختلفة شهادتهم، مختلفة أهواؤهم، مختلفة أعمالهم، وهم مجتمون في عداوة أهل الحق).

وقوله: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ}. أي ذلك التشتيت والكفر لكونهم لا يعقلون أمر اللَّه ولا يتدبرون آياته، بل هم منقادون وراء أهوائهم وشهواتهم.

وقوله: {كَمَثَلِ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ قَرِيبًا ذَاقُوا وَبَالَ أَمْرِهِمْ}. قال ابن عباس: (يعني بني قَيُنُقاع، أمكن اللَّه منهم قبل بني النضير). ومعنى: {ذَاقُوا وَبَالَ أَمْرِهِمْ} أي جزاء غَدرهم وكفرهم ومكرهم، فأجلاهم رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وشرَّدهم.

وقوله: {وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}. أي: في الآخرة.

وقوله: {كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اكْفُرْ}. قال مجاهد: (المراد بالإنسان هاهنا جميع الناس في غرور الشيطان إياهم). ومعنى قوله: {إِذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اكْفُرْ} أي أغواه حتى نطق بالكفر. قال ابن عباس: (فضرب اللَّه هذا مثلًا للمنافقين مع اليهود).

وقوله: {فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ}. تشبيه لتخاذل المنافقين عن اليهود وعدم الوفاء في نصرتهم. قال القاسمي: ({كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اكْفُرْ} أي إذ غرّ إنسانًا ووعدهُ على اتباعهِ وكفره باللَّه، النصرة عند الحاجة إليه {فَلَمَّا كَفَرَ} أي باللَّه، واتبعه وأطاعه {قَالَ} أي مخافة أن يشركه في عذابه، مسلمًا له وخاذلًا {إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ} أي فلا أعينك {إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ} أي في نصرتك، فلم ينفعهُ التبرؤ، كما لم ينفع الأول وعده بالإعانة).

وقوله: {فَكَانَ عَاقِبَتَهُمَا أَنَّهُمَا فِي النَّارِ خَالِدَيْنِ فِيهَا}. أي: فكان عاقبة الشيطان وذلكَ الإنسان المصدق له المتّبع لأمره أنهما خالدان في النار ماكثان فيها أبدًا.

وقوله: {وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ}. قال ابن جرير: (يقول: وذلكَ ثواب اليهود من النضير والمنافقين الذين وعدوهم النصرة، وكُلُّ كافر باللَّه ظالم لنفسه على كفره بهِ أنهم في النار مخلَّدون).

١٨ - ٢٠. قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (١٨) وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>