للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن إيمانه وطاعته كما هو غني عن جميع خلقه، وهو {الْحَمِيدُ} أي المحمود عند أهل المعرفة بأياديه وآلائه عندهم.

٧ - ٩. قوله تعالى: {عَسَى اللَّهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عَادَيْتُمْ مِنْهُمْ مَوَدَّةً وَاللَّهُ قَدِيرٌ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٧) لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (٨) إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (٩)}.

في هذه الآيات: التفريقُ بين المحاربين من الأعداء والمسالمين، والنهي عن موالاة المقاتلين منهم والأمر بالإقساط إلى المقسطين.

فقوله: {عَسَى اللَّهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عَادَيْتُمْ مِنْهُمْ مَوَدَّةً}. قال ابن زيد: (هؤلاء المشركون، قد فعل، قد أدخلهم في السلم وجعل بينهم مودّة حين كان الإسلام حين الفتح). والمعنى: إنه تعالى قد يغيّر الأحوال ويقلب القلوب فيؤمن هؤلاء المشركون من قريش الذين أُمِرْتُم بمعاداتهم ومفاصلتهم على الدين الحق، ومن ثمَّ يجعل اللَّه بينكم وبينهم مَحَبَّةً بعد البِغضَة، ومودَّة بعد النَّفرة، وأُلْفَةً بعد الفرقة، ولذلك قال: {وَاللَّهُ قَدِيرٌ} قال قتادة: (على ذلك). {وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ}: أي يغفر الذنوب الكثيرة، ويعفو عما سلف أيام الجاهلية، إنه تعالى رحيم بعباده التائبين وبجميع خلقه.

وفي التنزيل نحو ذلك:

١ - قال تعالى: {وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا} [آل عمران: ١٠٣].

٢ - وقال تعالى: {هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ (٦٢) وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [الأنفال: ٦٢ - ٦٣].

ومن كنوز السنة العطرة في آفاق هذه الآية أحاديث، منها:

الحديث الأول: أخرج الإمام أحمد في المسند، بسند صحيح من حديث أبي سعيد

<<  <  ج: ص:  >  >>