للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقوله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ}. يشمل سائر الكفار من المشركين والمنافقين واليهود والنصارى ممن غضب اللَّه عليهم.

وقوله: {قَدْ يَئِسُوا مِنَ الْآخِرَةِ}. قال مجاهد: (المعنى يئسوا من ثواب الآخرة). قال النسفي: (لأنهم ينكرون البعث). والمقصود: كيف توالون قومًا وتتخذونهم أولياء وأخلاء وهم آيسون من ثواب الآخرة ونعيمها قد كفروا بالبعث والحساب. قال ابن زيد: (يعني اليهود). وقال الحسن: (هم اليهود والنصارى). وقيل: هم المنافقون. وقال ابن مسعود: (معناه أنهم تركوا العمل للآخرة وآثروا الدنيا).

وقوله: {كَمَا يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحَابِ الْقُبُورِ}. فيه قولان متكاملان:

القول الأول: قد يئس الكفار من الآخرة كما يئسوا من لقاء قراباتهم الذين ماتوا لأنهم لا يؤمنون بالبعث والنشور. قال ابن عباس: (يعني: من مات من الذين كفروا فقد يئس الأحياء منهم أن يرجعوا إليهم، أو يبعثهم اللَّه). وقال الحسن: ({كَمَا يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحَابِ الْقُبُورِ} قال: الكفار الأحياء قد يئِسوا من الأموات). يعني من الاجتماع بهم مرة أخرى. وقال قتادة: (كما يئس الكفار أن يرجع إليهم أصحاب القبور الذين ماتوا).

القول الثاني: قد يئس الكفار الأحياء من ثواب الآخرة وكرامتها كما يئس الكفار الأموات في قبورهم من كل خير حين عاينوا مقاعدهم من النار وذاقوا عذاب البرزخ.

قال مجاهد: ({قَدْ يَئِسُوا مِنَ الْآخِرَةِ كَمَا يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحَابِ الْقُبُورِ} قال: من ثواب الآخرة حين تبين لهم عملهم، وعاينوا النار).

واختار ابن جرير القول الثاني، وإن كان القول الأول سالك المعنى، ومن ثمَّ فالإعجاز القرآني يحتمل التأويلين معًا، واللَّه تعالى أعلم.

تم تفسير سورة الممتحنة بعون اللَّه وفضله، وواسع منّه وكرمه ظهر الأحد ٢٠ رمضان ١٤٢٦ هـ الموافق ٢٣/ تشرين الأول/ ٢٠٠٥ م

* * *

<<  <  ج: ص:  >  >>