في هذه الآيات: تذكيرُ اللَّه تعالى عباده خَبَرَ من كفر من قبل ونزل بهم العذاب الأليم، ذلك بسبب البغي والكبر ومعاندة الوحي والمرسلين.
فقوله:{أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ فَذَاقُوا وَبَالَ أَمْرِهِمْ}. قال القرطبي:(الخطاب لقريش. أي: ألم يأتكم خبر كفار الأمم الماضية. {فَذَاقُوا وَبَالَ أَمْرِهِمْ} أي عوقبوا. {وَلَهُمْ} في الآخرة {عَذَابٌ أَلِيمٌ} أي موجِع).
وقوله:{ذَلِكَ بِأَنَّهُ كَانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالُوا أَبَشَرٌ يَهْدُونَنَا}. أي: هذا العذاب الذي نزل بتلك الأمم بسبب كفرهم برسلهم وقد جاؤوهم بالآيات الباهرات والدلائل القاطعات على النبوة، فأنكروا أن يكون الرسول من البشر كِبرًا وعلوًا. قال النسفي:(أنكروا الرسالة للبشر ولم ينكروا العبادة للحجر).
وقوله:{فَكَفَرُوا وَتَوَلَّوْا}. أي: كفروا بالرسل وأعرضوا عن الإيمان، وتولوا عن صحيح الدليل والبرهان.
وقوله:{وَاسْتَغْنَى اللَّهُ}. قال مقاتل:(أي بسلطانه عن طاعة عباده). وقيل: استغنى اللَّه بما أظهره لهم من البرهان وأوضحه لهم من البيان، عن زيادة تدعو إلى الرشد وتقود إلى الهداية.
وقوله:{وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَمِيدٌ}. قال ابن جرير:(يقول: واللَّه غني عن جميع خلقه، محمود عند جميعهم بجميل أياديه عندهم، وكريم فعاله فيهم).