للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المطلقات- أولادكم منهن فعلى الآباء أن يعطوهنّ أجرة إرضاعهن).

وقوله: {وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ}. قال النسفي: (أي تشاوروا على التراضي في الأجرة، أو ليأمر بعضكم بعضًا، والخطاب للآباء والأمهات {بِمَعْرُوفٍ} بما يليق بالسنة، ويحسن في المروءة، فلا يماكس الأب ولا تعاسر الأم لأنه ولدهما، وهما شريكان فيه وفي وجوب الإشفاق عليه). وقال القرطبي: ({وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ} هو خطاب للأزواج والزوجات، أي وليَقْبَلْ بعضكم من بعض ما أمره به من المعروف الجميل. والجميل منها إرضاع الولد من غير أجرة. والجميل منه توفير الأجرة عليها للإرضاع).

وقوله: {وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى}. قال السدي: (إن أبت الأم أن ترضع ولدها إذا طلقها أبوه التمس له مرضعة أخرى، الأمّ أحق إذا رضيت من أجر الرضاع بما يرضى به غيرُهَا، فلا ينبغي له أن ينتزع منها).

وقوله: {لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ}. قال سفيان: (يقول: من طاقته). أي: لينفق على المولود والدُه أو وليُّه، بحسب قدرته وعلى قدر وسعه).

وقوله: {وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا}. قال ابن زيد: (فرض لها من قدر ما يجد). وقال السدي: ({لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا} يقول: لا يكلف الفقير مثل ما يكلف الغني). وقال سفيان: {إِلَّا مَا آتَاهَا} يقول: إلا ما أطاقت). وهو كقوله تعالى: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة: ٢٨٦].

وقوله: {سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا} قال سفيان: (بعد الشدة الرخاء). قال ابن جرير: ({سَيَجْعَلُ اللَّهُ} للمقل من المال المقدور عليه رزقه {بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا} يقول: من بعد شدة رخاء، ومن بَعد ضيق سعة، ومن بعد فقر غنى).

قلت: والآية وعد من اللَّه تعالى بالفرج على المعسر الممتثل أمر اللَّه في بذل وسعه بأنه سيجعل له بعد الضيق غنى، وبعد الشدة سعة، وبعد العسر يسرًا.

وفي التنزيل: {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (٥) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا} [الشرح: ٥ - ٦].

أخرج الخطيب في "التاريخ" بسند رجاله ثقات عن أنس مرفوعًا: [النَّصْرُ مع الصَّبْر، والفرج مع الكرب، وإن مع العُسْر يسرًا] (١).


(١) حديث صحيح. أخرجه الخطيب في "التاريخ" (١٠/ ٢٨٧)، والديلمي (٤/ ١١١ - ١١٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>