في هذه الآيات: الأَمْرُ بالسكنى والنفقة للمطلقة حتى انقضاء عدتها، والتحذير من التضييق عليها، والحاملُ ينْفق عليها حتى تضع حملها، وأجر الإرضاع على الآباء، ولا يكلف اللَّه نفسًا إلا وسعها.
فقوله:{أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ}. قال ابن عباس:(يقول: من سعتكم). قال السدي:(المرأة يطلقها، فعليه أن يسكنها، وينفق عليها). قال ابن كثير:(يقول تعالى آمرًا عباده إذا طَلَّقَ أحدُهم المرأة أن يُسْكِنها في منزل حتى تنقضي عدَّتها، فقال:{أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ} أي: عندكم). وعن قتادة:{مِنْ وُجْدِكُمْ} قال: إن لم تجد إلا جَنْبَ بيتِكَ فأسكنها فيه). وقال السدي:({مِنْ وُجْدِكُمْ}: من ملككم، من مقدرتكم).
وقوله:{وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ}. قال مجاهد:(في المسكن). وقال سفيان:(ليس ينبغي له أن يضارها ويضيق عليها مكانها). وقال مقاتل:(يعني يُضاجِرها لِتَفْتَدِيَ منه بمالها أو تخرجَ من مسكنه). قال القاسمي:({وَلَا تُضَارُّوهُنَّ} أي لا تستعملوا معهن الضرار {لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ} أي في المسكن ببعض الأسباب، من إنزال من لا يوافقهن، أو بشغل مكانهن، أو غير ذلك، حتى تضطروهن إلى الخروج أو الافتداء).
وقوله:{وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ}. قال السدي:(ينفق على الحبلى إذا كانت حاملًا حتى تضع حملها). قال ابن جرير:(يقول تعالى ذكره: وإن كان نساؤكم المطلقات أولات حمل وكنّ بائنات منكم، فأنفقوا عليهن في عدّتهن منكم حتى يضعن حملهن).
وقوله:{فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ}. قال القرطبي:{فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ} -يعني