وقوله تعالى:{فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هَاهُنَا حَمِيمٌ}. أي: فليس له اليوم قريب تأخذه الحمية له كما كان له في الدنيا مما يأنس به عند النائبات والشدائد.
وقوله تعالى:{وَلَا طَعَامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ}. قال ابن عباس:(صديد أهل النار). أو قال:(ما يخرج من لحومهم). وقال قتادة:(شر الطعام وأخبثه وأبشعه). قلت: والغِسْلين فِعْلين من الغَسل، والمقصود: من غسالة أبدان أهل النار وصديدهم. وقوله تعالى:{لَا يَأْكُلُهُ إِلَّا الْخَاطِئُونَ}. أي: الآثمون، أصحاب الإصرار على الخطايا والآثام.
قال ابن جرير:(يقول: لا يأكل الطعام الذي من غسلين إلا الخاطئون، وهم المذنبون الذين ذنوبهم كفر باللَّه).
في هذه الآيات: تأكيدُ الوحي والنبوة بإقسام اللَّه تعالى بعالمي الغيب والشهادة، فهو الكتاب الحق كلام اللَّه تعالى الذي تفرد إليه العبادة.
فقوله تعالى: {فَلَا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ (٣٨) وَمَا لَا تُبْصِرُونَ}. أي: ما الأمر كما تكذبون معشر المشركين. بل أقسم بجميع الأشياء مما ترون ومما لا ترون أن هذا القرآن قول الرسول الكريم، أوحاه إليه رب العالمين. قال ابن زيد:({فَلَا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ (٣٨) وَمَا لَا تُبْصِرُونَ} قال: أقسم بالأشياء، حتى أقسم بما تبصرون وما لا تبصرون).
وقوله تعالى:{إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ}. قال النسفي:({إِنَّهُ} أي إن القرآن {لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ} أي محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- أو جبريل عليه السلام، أي يقوله ويتكلم به على وجه الرسالة من عند اللَّه).
وقوله تعالى:{وَلَا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ}. أي: وما هذا القرآن بقول شاعر، فمحمدٌ -صلى اللَّه عليه وسلم- لا يحسن قيل الشعر. قال قتادة:(طهّره اللَّه من ذلك وعصمه). إنكم قليلًا ما تصدقون أنتم -معشر المشركين من قريش- بما ظهر صدقه وبيانه، ووضح برهانه، ظلمًا وعنادًا وعتوًا.
وقوله تعالى:{وَلَا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ}. قال قتادة: (طهّره من الكهانة،