للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: {فَلَمْ يَجِدُوا لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْصَارًا}. قال ابن جرير: (تقتص لهم ممن فعل ذلك بهم، ولا تحول بينهم وبين ما فعل بهم).

وقوله تعالى: {وَقَالَ نُوحٌ رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا}. هو دعاء نوح -صلى اللَّه عليه وسلم- على قومه حين يئس من اتباعهم إياه. قال قتادة: (دعا عليهم بعد أن أوحى اللَّه إليه). وقال السدي: ({دَيَّارًا}: أي من يسكن الديار). وقال الضحاك: (واحدًا).

وأصل {دَيَّارًا} الذي يدور في الأرض فيذهب ويجيء، وهو فيْعال من الدوران ديوارًا، فاجتمعت الياء والواو فأدغمت الواو فيها وصيرتا ياء مشددة، كما قيل: الحيّ القيام من قمت، وإنما هو قيوام. ذكره ابن جرير ثم قال: (والعرب تقول ما بها ديار ولا عريب، ولا دوي، ولا صافر، ولا نافخ ضرمة، يعني بذلك كله: ما بها أحد). وقال القُتَبيّ: (أصله من الدار، أي نازل بالدار. يقال: ما بالدار ديار، أي أحد).

وفي صحيح مسلم -كان من دعاء النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- على الأحزاب يوم الخندق-: [اللهم منزل الكتاب، سريع الحساب، اهزم الأحزاب، اللهم اهزمهم وزلزلهم] (١).

وقوله: {إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ}. أي: إن تركتهم ولم تهلكهم يضلوا عبادك الذين قد آمنوا بك، ومَنْ سيجيء بعدهم.

وقوله: {وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا}. أي: ولا يكون في عقبهم ونسلهم {إِلَّا فَاجِرًا} في دينك {كَفَّارًا} لنعمتك. قال النسفي: ({وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا} إلا من إذا بلغ فجر وكفر، وإنما قال ذلك لأن اللَّه تعالى أخبره بقوله: لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن).

وقوله: {رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ}. قال القرطبي: (دعا لنفسه ولوالديه وكانا مؤمنين.

وهما: لمك بن مُتَوَشْلِخ، وشمخى بنت أنوش، ذكره القشيري والثعلبي).

وقيل: ({وَلِوَالِدَيَّ}: آدم وحواء). والأول أقرب، واللَّه أعلم.

وقوله: {وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا}. قال الضحاك: (يعني مسجدي). وظاهر الآية يشمل كل من دخل منزله وهو مؤمن، فهو داخل في دعوته.

وفي سنن أبي داود والترمذي بسند حسن عن أبي سعيد: أنه سمع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-


= والطيالسي (٧٥٣)، وأحمد (٤/ ٢٨٧ - ٢٨٨)، وروى النسائي (١/ ٢٨٢) نحوه.
(١) حديث صحيح. أخرجه مسلم (٣/ ١٣٦٣). وانظر كتابي: السيرة النبوية (٢/ ٩١٩) لتفصيل ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>