وقدرتُه). وقال أيضًا:(جدُّ اللَّه: آلاؤه وقدرته ونِعمته على خلقه). وقال مجاهد:({جَدُّ رَبِّنَا}: جلال ربنا). وقال قتادة:(تعالى جلالُه وعظمته وأمره). وقال السُّدِّي:(تعالى أمرُ ربنا). وقال سعيد بن جبير:(تعالى ربُّنا).
وفي الصحيحين من حديث المغيرة مرفوعًا:[ولا ينفع ذا الجدِّ منك الجد](١). قال أبو عبيدة والخليل:(أي ذا الغنى، منك الغنى، إنما تنفعه الطاعة).
وقوله:{مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلَا وَلَدًا}. هو تنزيهٌ من مؤمني الجن -حين أسلموا وآمنوا بالقرآن- للَّه تعالى أمره وجلت قدرته، عن اتخاذ الصاحبة والولد.
وقوله تعالى:{وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا عَلَى اللَّهِ شَطَطًا}. أي: وأنه كان يقول إبليس على اللَّه جورًا وظلمًا، وباطلًا وزورًا. قال مجاهد:({سَفِيهُنَا} يعنون إبليس). وقال السُّدي، عن أبي مالك:({شَطَطًا}، أي: جورًا). وقال ابن زيد:(ظُلمًا كبيرًا). قال ابن كثير:(ويُحتمل أن يكون المرادُ بقولهم: {سَفِيهُنَا}: اسمَ جنس لكل من زَعَم أن للَّه صاحبةً أو ولدًا. ولهذا قالوا:{وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا}، أي: قبل إسلامِه {عَلَى اللَّهِ شَطَطًا}، أي: باطلًا وزُورًا).
قال القرطبي:({وَأَنَّا ظَنَنَّا} أي حسبنا {أَنْ لَنْ تَقُولَ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا} فلذلك صدقناهم في أن للَّه صاحبة وولدًا، حتى سمعنا القرآن وتَبَيَّنًا به الحقّ).
وقوله تعالى:{وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا}. ترهيب من التعامل مع الجن، كالاستعاذة بهم أو استخدامهم في السحر والإضلال.
قال السُّدي:(كان الرجل يخرُج بأهله فيأتي الأرض فينزلها فيقول: أعوذُ بسيِّد هذا الوادي من الجِنِّ أن أُضَرَّ أنا فيه أو مالي أو ولدي أو ماشِيتي، قال: فإذا عاذَ بهم من دون اللَّه رَهقَتهم الجنِّ الأذى عند ذلك).
وقال عكرمة: (كان الجن يَفْرَقُون من الإنس كما يفرَقُ الإنس منهم أو أشد، فكان الإِنسُ إذا نزلوا واديًا هَرَبَ الجِنُّ، فيقول سَيِّدُ القوم: نعوذ بسيِّد أهل هذا الوادي. فقال الجِنُّ: نراهُم يَفْرَقُونَ منا كما نَفْرَقُ منهم. فدنَوا من الإنس فأصابوهم بالخَبَلِ
(١) حديث صحيح. أخرجه البخاري (٦٣٣٠)، ومسلم (٥٩٣) من حديث المغيرة في أثناء حديث.