في هذه الآيات: أَمْرُ اللَّه تعالى نبيه -صلى اللَّه عليه وسلم- بالصبر على ما يقوله المكذبون من سفهاء قومه وهجرهم الهجر الجميل الذي لا عتاب معه فإن اللَّه أعد للمجرمين عذاب الجحيم، وقد أرسل إلى فرعون موسى من قبل فاستكبر هو وجنوده حتى نزل بهم العذاب الأليم.
فقوله تعالى:{وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا}. قال القرطبي:({وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ} أي من الأذى والسبّ والاستهزاء، ولا تجزع من قولهم، ولا تمتنع من دعائهم. {وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا} أي لا تتعرض لهم، ولا تشتغل بمكافأتهم، فإن في ذلك ترك الدعاء إلى اللَّه، وكان هذا قبل الأمر بالقتال، ثم أمر بعدُ بقتالهم وقتلهم). وقال قتادة:(قوله: {وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا} براءة نسخت ما هاهنا، أمر بقتالهم حتى يشهدوا أن لا إله إلا اللَّه وأن محمدًا رسول اللَّه، لا يقبل منهم غيرها).
وقال أبو الدرداء:(إنا لَنَكْشِرُ في وجوه أقوام ونضحك إليهم وإن قلوبنا لتقليهم أو لتلعنهم).
وقوله:{وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ أُولِي النَّعْمَةِ}. قال ابن كثير: (أي: دَعني والمكذِّبين
(١) حديث صحيح. أخرجه أحمد في المسند (١/ ٣٠٢)، ورواه مسلم في الصحيح، كتاب الذكر، ورواه البخاري مختصرًا في كتاب التوحيد. من حديث ابن عباس رضي اللَّه عنهما.