للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذلك المنافق، وذلك الذي يَسْخَطُ اللَّه عليه] (١).

١٦ - ٢٥. قوله تعالى: {لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ (١٦) إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ (١٧) فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ (١٨) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ (١٩) كَلَّا بَلْ تُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ (٢٠) وَتَذَرُونَ الْآخِرَةَ (٢١) وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (٢٢) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ (٢٣) وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةٌ (٢٤) تَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ (٢٥)}.

في هذه الآيات: تكفُّلُ اللَّه تعالى تثبيت القرآن في قلب نبيّه عليه الصلاة والسلام، والناس في لهو وغفلة عن يوم الزحام، والوجوه يومئذ إما ناضرة وهي وجوه المؤمنين، أو باسرة وهي وجوه الكافرين.

فقوله تعالى: {لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ}. قال سعيد بن جبير، عن ابن عباس: (أنّ النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كان إذا نزل عليه القرآن تعَجَّل يريد حفظه). قال سعيد: (يحرّك شفتيه ليحفظه). وقال ابن عباس: (كان يحرك به لسانه وشفتيه، فيشتد عليه، فكان يعرف ذلك فيه). وقال قتادة: (كان النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يحرك به لسانه مخافة النسيان، فأنزل اللَّه ما تسمع). وقال الحسن: (كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يحرك به لسانه ليستذكره، فقال اللَّه: {لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ} إنا سنحفظه عليك).

وفي الصحيحين والمسند وجامع الترمذي عن سعيد بن جبير: [عن ابن عباس، في قوله تعالى: {لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ} قال: كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يعالج من التنزيل شدة، وكان مما يحرك شفتيه، فقال ابن عباس: فأنا أحركهما لكم كما كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يحركهما. وقال سعيد: أنا أحركهما كما رأيت ابن عباس يحركهما، فحرّك شفتيه، فأنزل اللَّه تعالى: {لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ (١٦) إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ}. قال: جَمْعَهُ في صدرك ثمَّ تقرأَه. {فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ}. قال: فاستمع وأنصت. ثم إنَّ علينا أن تقرأه، قال: فكان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بعد ذلك إذا أتاه جبريل استمع، فإذا انطلق جبريل قرأه النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كما أقرأه] (٢).


(١) حديث صحيح. أخرجه مسلم (٨/ ٢١٦)، كتاب التوبة وقبولها وسعة رحمة اللَّه وغير ذلك. باب: تقرير النعم يوم القيامة على الكافر والمنافق. وانظر مختصر صحيح مسلم (١٩٣٢).
(٢) حديث صحيح. أخرجه البخاري (٤٩٢٧)، (٥٠٤٤)، (٧٥٢٤)، ومسلم (٤٤٨/ ١٤٧)، وأحمد (١/ ٣٤٣) وإسناده على شرطهما. ورواه الترمذي (٣٣٢٩)، والنسائي في "التفسير" (٦٥٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>