وقوله تعالى:{وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى}. قال ابن عباس:(بخل بما عنده، واستغنى في نفسه). وقال أيضًا:(وأما من بخل بالفضل، واستغنى عن ربه).
وقال كذلك:(يقول: من أغناه اللَّه، فبخل بالزكاة). وقال قتادة:(وأما من بخل بحق اللَّه عليه، واستغنى في نفسه عن ربه).
وقوله تعالى:{وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى}. قال ابن عباس:(وكذب بالخَلَفِ من اللَّه). وقال قتادة:(وكذّب بموعود اللَّه الذي وعد). وقال الضحاك:({وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى} بلا إله إلا اللَّه). وقال مجاهد:({وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى} قال: بالجنة).
وقوله:{فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى}. أي لطريق الشر، وللضياع والخذلان، وطريق صِليّ النيران.
الحديث الأول: أخرج البخاري في صحيحه عن عَليّ رضي اللَّه عنه قال: [كُنّا مع النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في بقيع الغَرْقَدِ في جنازةٍ، فقال:"ما مِنكم مِنْ أَحَدٍ إلا وقَدْ كُتِبَ مَقْعَدُهُ مِنَ الجنة ومَقْعَدُه من النار". فقالوا: يا رسول اللَّه، أفلا نَتَّكِلُ؟ فقال:"اعْمَلوا فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ"، ثُمَّ قرأ: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى (٥) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى} إلى قوله: {لِلْعُسْرَى}] (١).
الحديث الثاني: أخرج البخاري ومسلم وأهل السنن عن عليٍّ رضي اللَّه عنه قال: [كُنَّا في جَنَازَةٍ في بقيع الغَرقَدِ، فأتانا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فَقَعَدَ وَقَعَدْنا حوْلَهُ ومَعَهُ مِخْصَرَةٌ، فَنَكَّسَ فجَعَلَ يَنْكُتُ بِمِخْصَرَتِهِ. ثُمَّ قال:"ما منكم مِنْ أَحَدٍ، وما مِنْ نَفْسٍ مَنْفُوسَةِ إلا كُتِبَ مكانُها مِنَ الجنة والنَّار، وإلا قَدْ كُتِبَتْ شَقِيَّةً أو سعيدةً". قال رجل: يا رسول اللَّه، أَفَلَا نَتَّكِلُ على كتابِنا ونَدَعُ العملَ؟ فَمَنْ كانَ مِنّا مِنْ أهل السعادة فسيصيرُ
(١) حديث صحيح. أخرجه البخاري في الصحيح (٤٩٤٥) - كتاب التفسير - سورة الليل - آية (٥).