للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى أهْلِ السعادة، ومَنْ كانَ مِنّا مِنْ أهل الشَّقاءِ فسيصير إلى عَمَلِ أهل الشقاوة. قال: "أمّا أهْلُ السَّعادَة فَيُيَسَّرُون لِعَمَلِ أهل السَّعادة، وأمّا أَهْلُ الشَّقاوة فَيُيَسَّرون لِعَمَلِ أهل الشّقاء". ثم قرأ: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى (٥) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى} الآية] (١).

الحديث الثالث: أخرج مسلم في الصحيح، وابن جرير في التفسير، عن جابر قال: [جاءَ سُراقةُ بنُ مالك بن جُعْشُم قال: يا رسول اللَّه! بَيِّنْ لنا دينَنا كأنّا خُلِقْنا الآن، فيمَ العملُ اليوم؟ أفيما جَفَّتْ به الأقلامُ وجَرَتْ به المقاديرُ، أمْ فيما نَسْتَقْبِلُ؟ قال: "لا، بلْ فيما جَفَّتْ به الأقلامُ وجَرَتْ به المقاديرُ" قال: ففيم العَمَلُ؟ فقال: "اعملوا فكلٌّ مُيَسَّرٌ"] (٢).

وفي رواية: [كل عامل مُيَسَّرٌ لِعَمَلِهِ].

وقوله تعالى: {وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّى}. قال مجاهد: (أي: إذا مات). وقال زيد بن أسلم؟ (إذا تردى في النار). والمعنى: وأيّ شيء يدفع مال هذا الذي بخل بماله واستغنى عن ربه إذا هو قضى، ثم سقط في جهنم وهوى، إنه لا ينفعه ماله يومئذ شيئًا.

١٢ - ٢١. قوله تعالى: {إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَى (١٢) وَإِنَّ لَنَا لَلْآخِرَةَ وَالْأُولَى (١٣) فَأَنْذَرْتُكُمْ نَارًا تَلَظَّى (١٤) لَا يَصْلَاهَا إِلَّا الْأَشْقَى (١٥) الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى (١٦) وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى (١٧) الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى (١٨) وَمَا لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى (١٩) إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى (٢٠) وَلَسَوْفَ يَرْضَى (٢١)}.

في هذه الآيات: طالب الهدى يلقى العون من اللَّه الكريم، فجميع ما في الدنيا والآخرة ملك للَّه العظيم، وهذه النار مستقر أهل الشقاء الذين استحقوا العقاب، وسيجنبها أهل السعادة الذين استحقوا أحسن الثواب.

فقوله تعالى: {إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَى}. قال قتادة: (يقول: على اللَّه البيان، بيان حلاله


(١) حديث صحيح. أخرجه البخاري (٤٩٤٨) - كتاب التفسير. وأخرجه مسلم (٦٤٧) ح (٦)، وأخرجه أبو داود في السنن (٤٦٩٤)، والترمذي في الجامع (٢١٣٦)، و (٣٣٤٤)، والنسائي في "التفسير" (٦٩٨)، وأخرجه ابن ماجة في السنن (٧٨).
(٢) حديث صحيح. أخرجه مسلم (٢٦٤٨) - كتاب القدر، وأخرجه الطبري (٣٧٤٧٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>