للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحرامه، وطاعته ومعصيته). وقال الفراء: (من سلك الهدى فعلى اللَّه سبيله، يقول: من أراد اللَّهَ فاللَّهُ على الطريق، من أراده اهتدى إليه). والمقصود: على اللَّه بيان الحلال والحرام، ومن سلك طريق الهدى وصل إلى الرحمان، كما قال جلت عظمته: {وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ} [النحل: ٩].

وقوله تعالى: {وَإِنَّ لَنَا لَلْآخِرَةَ وَالْأُولَى}. أي: لنا كل ما في الآخرة وكلّ ما في الدنيا، نتصرف به كيف نشاء. فالجميع ملك له سبحانه وتعالى.

وقوله تعالى: {فَأَنْذَرْتُكُمْ نَارًا تَلَظَّى}. أي: تتوقد وتتوهج. قال مجاهد: (توهَّج). قال القرطبي: ({فَأَنْذَرْتُكُمْ} أي حذرتكم وخوّفتكم. {نَارًا تَلَظَّى} أي تَلَهَّب وتتوقد. وأصله تتلظى).

وفي مسند الإمام أحمد على شرط مسلم، عن سماك بن حرب قال: [سمعت النعمان بن بشير يخطبُ يقول: سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يخطبُ يقول: "أَنْذَرْتُكُم النار، أنْذَرتُكُم النار، أَنْذَرْتُكُم النار" حتى لو أن رجلًا كان بالسوق لسَمِعَه من مقامي هذا، قال: حتى وقعت خَميصة كانت على عاتقه عند رِجليه] (١).

وقوله تعالى: {لَا يَصْلَاهَا إِلَّا الْأَشْقَى}. قال ابن كثير: (أي: لا يدخُلها دخولًا تُحيط به من جميع جوانبه إلا الأشقى). والمقصود: هو الكافر الشقي الذي يجد صَلاها، وهو حرّها ولهيبُها، ويخلد فيها.

وقوله تعالى: {الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى}. أي: كذب بالحق بقلبه، وأعرض عن العمل بجوارحه. وقال النسفي: (إلا الكافرُ الذي كذب الرسل وأعرض عن الإيمان).

وفي صحيح البخاري عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: [كُلُّ أمتي يدخُل الجنة يوم القيامة إلا مَنْ أبى. قالوا: ومَنْ يأبى يا رسول اللَّه؟ ! قال: من أطاعني دخَل الجنة، ومن عصاني فقد أبى] (٢).

وقوله تعالى: {وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى}. قال ابن جرير: (يقول: وسَيُوَقَّى صِلِيّ النار التي تلظّى التقيّ).

وقوله تعالى: {الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى}. يتزكى: أي يتطهر بهذا الإنفاق من الذنوب.


(١) حديث صحيح. أخرجه أحمد في المسند (٤/ ٢٧٢)، وإسناده على شرط مسلم.
(٢) حديث صحيح. أخرجه البخاري في الصحيح (٧٢٨٠)، وأحمد في المسند (٢/ ٣٦١).

<<  <  ج: ص:  >  >>