في هذه الآيات: ذِكْرُ قصة أصحاب الفيل، الذين تطاولوا في البغي فحصدهم اللَّه بالطير الأبابيل، ترميهم بالحجارة فصاروا كورق الزرع المأكول.
وقصة أصحاب الفيل كما رواها ابن إسحاق رحمه اللَّه: كان ذو نواس آخرَ ملوك حمير مشركًا قتَلَ أصحاب الأخدود وكانوا نصارى حوالي عشرين ألفًا، لم يفلت منهم إلا دوس ذو ثعلبان، فاستغاث بقيصر ملك الشام فكتب للنجاشي ملك الحبشة فبعث معه أميرين أرياط وأبرهة في جيش كثيف فدخلوا اليمن واستلبوا ملك حمير وهلك ذو نواس غريقًا في البحر. واستقل الحبشة بملك اليمن وعليهم أميران أرياط وأبرهة فاختلفا وتقاتلا كل معه جيش. فقال أحدهما للآخر:(إنه لا حاجة بنا إلى اصطلام الجيشين بيننا ولكن ابْرُزْ إليّ وأبرز إليك فأيهما قتل الآخر استقل بالملك). فتبارزا فحمل أرياط على أبرهة فضربه بالسيف فشرم أنفه وفمه وشق وجهه، فحمل عتودة مولى أبرهة على أرياط فقتله ورجع أبرهة جريحًا.
فكتب إليه النجاشي يتوعده بما فعل، فاستعطفه فرضي، قد حلف ليطأن بلاده ويجزن ناصيتَه فترقق وبعث بهدايا وتحف وجراب من تراب اليمن وجز ناصيته ليطأها فيبر قسمه، فَأُعجب النجاشي. ثم أرسل أبرهة للنجاشي يقول:(إني سأبني لك كنيسة باليمن لا مثيل لها).
فبناها بصنعاء رفيعة البناء عالية مزخرفة سمتها العرب "القليس" لارتفاعها، لأن الناظر لها تكاد تسقط قلنسوته من ارتفاعها. وعزم أبرهة أن يصرف حج العرب لها بدل مكة، فكرهت العرب العدنانية والقحطانية وغضبت قريش. قيل: بعثوا فتى ليلًا