للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التأويل الأول: اللام لام التعجب. قال الكسائي: (أي اعجبوا لإيلاف قريش).

التأويل الثاني: اللام متعلقة بقوله: {فَلْيَعْبُدُوا}. والتقدير: فليعبدوا ربَّ هذا البيت، لإيلافهم رحلة الشتاء والصيف للامتيار. قال ابن عباس: ({لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ} قال: نعمتي على قريش إيلافُهم رحلة الشتاء والصيف. قال: كانوا يَشْتون بمكة، ويَصيفون بالطائف).

التأويل الثالث: أهلك اللَّه أصحاب الفيل، فجعل ذلك لإيلاف قريش، أي ليألفوا الخروج ولا يُجْترأ عليهم. ذكره مجاهد (١).

التأويل الرابع: ألّفَ اللَّه قريشًا إيلافًا فليعبدوا ربَّ هذا البيت - قاله الخليل.

التأويل الخامس: حبسنا عن مكة الفيل وأهلكنا أهله {لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ} أي: لائتلافهم واجتماعهم في بلدهم آمنين - ذكره محمد بن إسحاق، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم.

التأويل السادس: قيل بل المراد بذلك ما كانوا يألفونه من الرحلة فى الشتاء إلى اليمن، وفي الصيف إلى الشام في المتاجر وغير ذلك، ثم يرجعون إلى بلدهم آمنين في أسفارهم، لعظمتهم عند الناس، لكونهم سكان حرم اللَّه، فمن عرفهم احترَمهم بل من ضَوَى إليهم وسار معهم أمن بهم، وهذا حالهم في أسفارهم ورحلتهم في شتائهم وصيفهم، وأما في حال إقامتهم في البلد فكما قال اللَّه: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ} [العنكبوت: ٦٧] ولهذا قال تعالى: {لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ (١) إِيلَافِهِمْ}، بدل من الأول ومفَسِّر له. ولهذا قال تعالى: {إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ}. ذكره ابن كثير.

التأويل السابع: قيل بل المقصود: سياسة الإيلاف، هَيَّأها اللَّه لرعاية مصالح قريش. فقد أعطى نسب قريش إلى كنانة -التي تسكن قرب مكة- عمقًا استراتيجيًا. ثم إن قريشًا قد حالفت الأحابيش الذين يعيشون قرب مكة فاستخدمتهم في حراسة القوافل المكية، ثم شملت الأحلاف خطوط التجارة المكية إلى الشام والعراق واليمن، فأوجد هاشم بن عبد مناف ما يسمى بالإيلاف، وهي جعالات تشرك زعماء تلك البلاد في تجارتها. حتى إنَّ هاشم بن عبد مناف تمكن من الحصول على حق التجارة داخل


(١) وأما القول بان السورتين "الفيل" و"قريش" متصلتان، وأنهما سورة واحدة، فلا دليل عليه، بل هما سورتان منفصلتان كما دل على ذلك حديث أم هانِئ المتقدم.

<<  <  ج: ص:  >  >>