للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عمرو، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: [إن الله خلق خلقه في ظلمة، ثم ألقى عليهم من نوره، فمن أصابه من ذلك النور اهتدى، ومن أخطأه ضل] (١).

والظلمة هي ظلمة الطباع والأهواء والجهل والخضوع للشهوات، والنور هو نور الوحي والعلم والفطرة والميثاق والنبوة والرسالات، فالخروج من الظلام لا يكون إلا بالوحي والتزام الشريعة، فَمَنْ حرمه الله من نور السنة بقي في الظلمة، وقلبه وعمله وقوله وأحواله وقبره في ظلمة.

وقوله: {أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}.

يعني: الذين كفروا، يخلدون في نار جهنم دون غيرهم من أهل الإيمان، إلى غير غاية ولا نهاية أبدًا.

فائدة: لقد وحّد الله تعالى لفظ النور وجمع الظلمات، لأن سبيل الحق واحد، وسبل الشياطين كثيرة، كما قال تعالى: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [الأنعام: ١٥٣]. وقال تعالى: {وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ... } [الأنعام: ١].

وقال أيضًا: {عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمَائِلِ ... } [النحل: ٤٨].

وفي سنن ابن ماجة عن ابن مسعود قال: [خط لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خطًّا وقال: هذا سبيل الله، ثم خط خطوطًا عن يمينه وعن يساره ثم قال هذه سبل وعلى كل سبيل منها شيطان يدعى إليه ثم قرأ: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ}] (٢).

٢٥٨. قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَال إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَال أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَال إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ


(١) حديث صحيح. أخرجه أحمد في المسند (٢/ ١٧٦)، وابن حبان في صحيحه (١٨١٢)، وانظر سلسلة الأحاديث الصحيحة (١٠٧٦).
(٢) حديث صحيح. رواه أحمد وابن ماجة وغيره من أهل السنن. انظر صحيح سنن ابن ماجة (١١)، وكتابي أصل الدين والإيمان (٢/ ٧٨٣) لتفصيل البحث.

<<  <  ج: ص:  >  >>