للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال مجاهد: (يتثبتون أين يضعون أموالهم). وهو تأويل بعيد، فالأول أقرب للسياق. ونظيره في الصحيحين عن أبي هريرة، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: [من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا، غفر له ما تقدم من ذنبه] (١).

وقوله: {كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ أَصَابَهَا وَابِلٌ فَآتَتْ أُكُلَهَا ضِعْفَيْنِ فَإِنْ لَمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَلٌّ}.

قال مجاهد: ({كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ}: الربوة المكان الظاهرُ المستوي). وقال الحسن: (هي الأرض المستوية التي تعلو فوق المياه).

وقوله: {أَصَابَهَا وَابِلٌ}.

أي: مطر شديد. {فَآتَتْ أُكُلَهَا ضِعْفَيْنِ}: أى: أضعفت ثمرها ضعفين حين أصابت الوابل من المطر. {فَإِنْ لَمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَلٌّ} قال الضحاك: (هو الرَّذاذ، وهو اللين من المطر). وقال الربيع: (أي: طشّ).

والمعنى: إن هذه الجنة بهذه الربوة لا تصحر أبدًا، فإنه إن لم يصبها مطر شديد فرذاذ وطش يكفي لاستمرار ثمرتها وبهجتها، وكذلك المؤمن لا يبور عمله أبدًا، فإنه لا يزال يرفع له عمل صالح، يتقبله الله وينميه له، مهما كان ضئيلًا طالما بذل ما في وسعه وأراد به وجه الله خالصًا لا شريك له، ولذلك ختم سبحانه الآية بقوله: {وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ}.

وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: [لا يتصدق أحد بتمرة من كسب طيب إلا أخذها الله بيمينه فيربِّيها كما يُرَبّي أحدكم فُلُوَّه أو فصيله حتى تكون مثل الجبل أو أعظم] (٢).

٢٦٦. قوله تعالى: {أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ لَهُ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَأَصَابَهُ الْكِبَرُ وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفَاءُ


(١) حديث صحيح. أخرجه البخاري في الصحيح -حديث رقم- (٣٨)، وأخرجه مسلم برقم (٧٦٠)، ورواه أحمد في المسند (٢/ ٢٣٢)، وكثير من أهل السنن.
(٢) حديث صحيح. أخرجه البخاري في الصحيح -حديث رقم- (١٤١٠)، ومسلم (١٠١٤)، ورواه الترمذي في الجامع (٦٦١)، ورواه بقية أهل السنن.

<<  <  ج: ص:  >  >>