أخرج البخاري في صحيحه عن عبيد بن عمير، قال [قال عمر بن الخطاب يومًا لأصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -: فيمن ترون هذه الآية نزلت: {أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ}؟ قالوا: الله أعلم. فغضب عمر، فقال: قولوا: نعلم أو لا نعلم. فقال ابن عباس: في نفسي منها شيء يا أمير المؤمنين، فقال عمر: يا ابن أخي، قل ولا تَحْقِرْ نفسك. قال ابن عباس رضي الله عنهما: ضربت مثلًا لعمل. قال عمر: أي عمل؟ قال ابن عباس: لرجل غني يعمل بطاعة الله، ثم بعث الله له الشيطان فعمل بالمعاصي حتى أغرق أعماله] (١).
وقال مجاهد في الآية:(أيود أحدكم أن يكون له دنيا لا يعمل فيها بطاعة الله، كمثل هذا الذي له جنات تجري من تحتها الأنهار، {لَهُ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَأَصَابَهُ الْكِبَرُ وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفَاءُ فَأَصَابَهَا إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ}، فمثله بعد موته كمثل هذا حين أحرقت جنته وهو كبير لا يغني عنها شيئًا، وولده صغار لا يغنون عنها شيئًا، وكذلك المفرِّط بعد الموت، كل شيء عليه حَسْرة).
فالآية تمثيل بديع لحال من أحسن العمل أولًا ثم انعكس بعد ذلك منهجه، فبدل الحسنات بالسيئات، فأبطل بعمله الجديد ما كان أحسن أول شبابه، فقدم يوم القيامة وقد فرّط بالعمل الصالح أحوج ما يكون إليه للنجاة من عذاب الجحيم والعياذ بالله.