للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (٢٦٨) يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ (٢٦٩)}.

في هذه الآيات: يأمر الله تعالى عباده المؤمنين بالصدقة والبذل والإنفاق من طيبات ما رزقهم من الأموال التي اكتسبوها والزروع والثمار التي أخرجها لهم من الأرض، ويحذرهم مغبة طاعة الشيطان الذي يأمر بالفحشاء ويعد بالفقر، ويرغبهم في التماس الحكمة من الله الذي بيده الرزق والنصر.

فعن ابن عباس: ({أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ}، يقول: تصدَّقوا). وقال السدي: (من هذا الذهب والفضة).

وعن مجاهد في هذه الآية: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ}،

قال: (من التجارة). وقال أيضًا: (التجارة الحلال).

وقوله: {وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ}.

قال مجاهد: (من الثمار). وقال السدي: (هذا في الثمر والحب). وقال مجاهد أيضًا: (من ثمر النخل).

قال شيخ المفسرين الإمام ابن جرير رحمه الله: (يعني بذلك جل ثناؤه: وأنفقوا أيضًا مما أخرجنا لكم من الأرض، فتصدّقوا وزكّوا من النخل والكرم والحنطة والشعير، وما أوجَبْتُ فيه الصدقة من نبات الأرض).

قلت: والآية دليل قوي على زكاة عروض التجارة ومنتوجات الأرض عمومًا، مما لم يأت النص بوجوب الزكاة فيه، فإن في المال حقًّا سوى الزكاة، فالإنفاق واجب آخر حتى تحصل بذلك كفاية الأمة وينقطع التسول والحاجة.

أخرج الإمام الشافعي في "الأم" بسند صحيح عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، قال: (ليس في العروض زكاة، إلا ما كان للتجارة).

والحديث موقوف صحيح، وليس فيه بيان نصاب زكاتها، ولا ما يجب إخراجه منها، فيمكن حمله على زكاة مطلقة، غير مقيدة بزمن أو كمية، وإنما بما تطيب به نفس صاحبها، فيدخل ذلك في عموم النصوص الآمرة بالإنفاق، كقوله تعالى:

<<  <  ج: ص:  >  >>