للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ}، وقوله: {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ}.

أخرج عبد الرزاق، وابن أبي شيبة بسند صحيح عن ابن جريج: (قال لي عطاء: لا صدقة في اللؤلؤ، ولا زبرجد، ولا ياقوت، ولا فصوص، ولا عرض، ولا شيء لا يدار، "أي: لا يتاجر به"، وإن كان شيئًا من ذلك يدار ففيه الصدقة في ثمنه حين يباع) (١).

والشاهد منه قوله: "ففيه الصدقة في ثمنه حين يباع"، فإنه لم يذكر تقويمًا، ولا نصابًا، ولا حَولًا (٢).

وأخرج ابن زنجويه في كتابه "الأموال" بسند حسن، عن إبراهيم الصائغ: (سئل عطاء: تاجر له مال كثير في أصناف شتى، حضر زكاته، أعليه أن يقوِّم متاعه على نحو ما يعلم أنه ثمنه، فيخرج زكاته؟ قال: لا، ولكن ما كان من ذهب أو فضة أخرج منه زكاته، وما كان من بيع أخرج منه إذا باعه) (٣).

والخلاصة: يجب على المسلم الإنفاق في سبيل الله إضافة إلى الزكاة، ويجب عليه أن يتصدق في عروض التجارة التي هي من الأصناف التي لم يرد بها النص.

أخرج البخاري ومسلم عن أبي هريرة مرفوعًا: [ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان فيقول أحدهما: اللهم أعط منفقًا خَلَفًا، ويقول الآخر: اللهم أعط ممسكًا تَلَفًا] (٤).

وقوله: {وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ}.

قال قتادة: (لا تعمَّدوا).

وقال ابن جرير: (لا تعمّدوا الرديء من أموالكم في صدقاتكم فتصدّقوا منه، ولكن تصدقوا من الطيب الجيد). وقيل معناه: (لا تعدلوا عن المال الحلال، وتقصدوا إلى الحرام، فتجعلوا نفقتكم منه)، والقول الأول أقرب.

أخرج الترمذي وابن ماجة بسند حسن عن البراء رضي الله عنه: {وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ


(١) إسناده صحيح. أخرجه عبد الرزاق (٤/ ٨٤/ ٧٠٦١)، وابن أبي شيبة (٣/ ١٤٤). وسنده صحيح.
(٢) وانظر تفصيل ذلك في كتاب: "تمام المنة في التعليق على فقه السنة" (ص ٣٦٥).
(٣) إسناده حسن. أخرجه ابن زنجويه في الأموال (٣/ ٩٤٦/ ١٧٠٣)، وانظر المرجع السابق.
(٤) حديث صحيح. أخرجه البخاري في الصحيح (٣/ ٢٣٧)، وكذلك أخرجه مسلم (٣/ ٨٣ - ٨٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>