للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ} قال: [نزلت فينا معشر الأنصار، كنا أصحاب نخل، فكان الرجل يأتي من نَخْلِهِ على قدر كثرته وقلته، وكان الرجل يأتي بالقنو والقنوين فيعلقه في المسجد، وكان أهل الصفة ليس لهم طعام، فكان أحدهم إذا جاء أتى القنو فضربه بعصاه فيسقط البسر والتمر، فيأكل، وكان ناس ممن لا يرغب في الخير يأتي الرجل بالقنو فيه الشِّيص والحَشَف، وبالقنو قد انكسر فيعلقه، فأنزل الله تبارك وتعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ}. قال: لو أن أحدكم أُهدي إليه مثل ما أعطى لم يأخذه إلا على إغماض أو حياء. قال: فكنا بعد ذلك يأتي الرجل بصالح ما عنده] (١).

وأخرج أبو داود بسند حسن عن الزهري عن أبي أمامة قال: [نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الجُعْرور ولون الحُبَيْق، أن يُؤخذا في الصدقة] (٢).

والجعرور: ضرب من الدقل، وهو أسوأ التمر، والحبيق: تمر أغبر صغير مع طول فيه.

وفي مسند الإمام أحمد عن عائشة قالت: [أتي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بِضَب، فلم يأكله ولم يَنْهَ عنه. قلت: يا رسول الله، ألا نطعمه المساكين؟ قال: لا تطعموهم مما لا تأكلون] (٣).

وقوله: {وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ}.

قال ابن عباس: (لو كان لكم على أحد حق، فجاءكم بحق دون حقكم لم تأخذوه بحساب الجيد حتى تُنْقصوه).

وقال الحسن: (لو وجدتموه في سوق يُباع، ما أخذتموه حتى يُهضَمَ لكم من ثمنه).

وقال السدي: (لو أهدي لكم ما قبلتموه إلا على استحياء من صاحبه، أنه بعث إليك بما لم يكن له فيه حاجة) رواه عن البراء بن عازب من طريق عدي بن ثابت كما ذكر ابن جرير.


(١) حديث حسن. أخرجه الترمذي (٢٩٨٧)، وابن ماجة (١٨٢٢)، والطبري (٦١٣٩)، وإسناده حسن.
(٢) أخرجه أبو داود (١٦٠٧)، والحاكم (١/ ٤٠٢)، (٢/ ٢٨٤)، والطبري، وهو حديث حسن.
(٣) حديث حسن. أخرجه أحمد في المسند (٦/ ١٠٥ - ١٢٣ - ١٤٤) من حديث عائشة، وإسناده حسن.

<<  <  ج: ص:  >  >>