للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال مجاهد: {فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ}، ويحصيه).

ثم توعد سبحانه من تجاوز أمره وعصاه، بقوله: {وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ}.

ويشمل الظلم هنا من أنفق ماله رئاء الناس أو نذر نذرًا في معصية الله، كما يشمل كل ظلم يجترحه العبد ثم لا يتوب منه، فإنه لا نصير له يوم القيامة.

وقوله: {إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ}.

قال قتادة: (كلٌّ مقبول إذا كانت النية صادقة، وصدقة السّر أفضل. وذكر لنا أن الصدقة تُطفئ الخطيئة كما يطفى الماء النار).

قلت: وقد جاءت السنة الصحيحة بآفاق هذا المعنى، وفي ذلك أحاديث:

الحديث الأول: أخرج البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: [سبعةٌ يُظلِّهم الله في ظله، يوم لا ظل إلا ظله: إمام عادل، وشاب نشأ في عبادة الله، ورجلان تحابا في الله، اجتمعا عليه وتفرّقا عليه، ورجل قلبُه معلَّق بالمسجد إذا خرج منه حتى يرجع إليه، ورجل ذكر الله خاليًا ففاضت عيناه، ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال: إني أخاف الله رب العالمين، ورجل تصدّق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه] (١).

الحديث الثاني: أخرج الطبراني بسند حسن عن أبي أمامة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: [صنائعُ المعروف تقي مصارع السوء، وصدقة السِّر تُطْفِئُ غضب الرّب، وصلة الرحم تزيد في العمر] (٢).

الحديث الثالث: أخرج الطبراني في الأوسط عن أم سلمة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: [صنائع المعروف تقي مصارع السوء، والصدقة خَفيًّا تُطْفِئُ غضبَ الربِّ، وصلةُ الرحم زيادةٌ في العُمُرِ، وكلُّ معروف صدقة، وأهل المعروف في الدنيا هم أهل


(١) حديث صحيح. أخرجه البخاري (٦٦٠)، ومسلم (١٠٣١)، وأحمد (٢/ ٤٣٩) وغيرهم.
(٢) حديث حسن. أخرجه الطبراني في الكبير (١٩/ ٤٢١)، وفي الأوسط كما في المجمع (٣/ ١١٥) بنحوه، وانظر صحيح الجامع الصغير -حديث رقم- (٣٦٩١).

<<  <  ج: ص:  >  >>