ومقدمه ومؤخره، وحلاله وحرامه، وأمثاله).
٢ - قال مجاهد: (يعني بالحكمة: الإصابة في القول). فقال: (ليست بالنبوة، ولكنه العلم والفقه والقرآن). وقال أبو العالية: (الحكمة الكتاب والفهم).
٣ - قال أبو العالية: (الحكمة خشية الله، فإن خشية الله رأس كل حكمة).
٤ - قال إبراهيم النخعي: (الحكمة الفهم). وقال أبو مالك: (الحكمة: السنة).
٥ - قال زيد بن أسلم: (الحكمة العقل). وقال مالك: (الحكمة الفقه في دين الله).
٦ - قال السدي: (الحكمة: النبوة).
قلت: والصحيح أن الحكمة تشمل كل ما سبق، وأعلاها النبوة، وينال أتباع الأنبياء منها حسب اتباعهم، ولذلك قال بعدها: {وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا}.
أخرج الشيخان وأحمد عن عبد الله بن مسعود قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: [لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله مالًا فسلطه على هلكته في الحق، ورجل آتاه الله حكمة فهو يقضي بها ويعلمها] (١).
وقوله: {وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ}.
يعني: لا يتعظ بهذه الآيات إلا أصحاب العقول: ممن يعي آفاق هذا الخطاب.
٢٧٠ - ٢٧١. قوله تعالى: {وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ (٢٧٠) إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئَاتِكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (٢٧١)}.
في هذه الآيات: يخبر تعالى أن جميع ما ينفقه العبد أو ينذره تقربًا لله مما يوجبه على نفسه فهو في علم الله. وأنّ الأصل إخفاء الصدقة إلا لمصلحة شرعية، وضابط ذلك كله هو صحة النية.
(١) حديث صحيح. أخرجه البخاري (٧٣)، (١٤٠٩)، ومسلم (٨١٦)، وأحمد (١/ ٣٥٨).