للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ (٢٧٣) الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (٢٧٤)}.

في هذه الآيات: إثبات الهداية لله وحده، وعودة نفع الصدقات على أهلها، والحث على الإنفاق بالليل والنهار.

أخرج النسائي والحاكم وابن جرير - ورجاله رجال الصحيح - عن ابن عباس قال: [كانوا لا يرضخون لقراباتهم من المشركين، فنزلت: {لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ}] (١).

وفي رواية: [كانوا يكرهون أن يَرْضَخُوا لأنسابهم من المشركين، فسألوا، فرخص لهم، فنزلت هذه الآية: {لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ وَمَا تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ}.

ويروي ابن جرير في التفسير، وكذلك ابن أبي حاتم بسند حسن عن ابن عباس، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: [أنه كان يأمُرُ بأن لا يُتَصَدَّقَ إلا على أهل الإسلام، حتى نزلت هذه الآية: {لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ} .... إلى آخرها، فأمر بالصدقة بعدها على كل من سألك من كلِّ دين] (٢).

وقال الربيع: (كان الرجل من المسلمين إذا كان بينه وبين الرجل من المشركين قرابةٌ وهو محتاج، فلا يتصدق عليه، يقول: ليس من أهل ديني! ! فأنزل الله عز وجل: {لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ}، الآية).

وقوله: {وَمَا تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ}.

قال ابن زيد: (هو مردودٌ عليك، فما لك ولهذا تؤذيه وتمنّ عليه؟ إنما نفقتك لنفسك وابتغاء وجه الله، والله يجزيك).


(١) حديث صحيح. أخرجه النسائي في "التفسير" (٧٢)، والحاكم (٢/ ٢٨٥) , (٤/ ١٥٦)، والطبري (٦٢٠٢) , (٦٢٠٣)، وهو صحيح، وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي.
(٢) إسناده حسن إلى ابن عباس، وانظر تفسير الطبري (٧٢٠٦) عن سعيد بن جبير مرسلًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>