وقال الحسن البصري:(نفقة المؤمن لنفسه، ولا ينفق المؤمن - إذا أنفق - إلا ابتغاء وجه الله). وقال عطاء الخراساني:(يعني: إذا أعطيت لوجه الله فلا عليك ما كان عمله).
قال ابن كثير:(وهذا معنى حسن، وحاصله أن المتصدق إذا تصدّق ابتغاء وجه الله، فقد وقع أجرُه على الله، ولا عليه في نفس الأمر من أصاب: أَلِبَرٍّ أو فاجر أو مستحق أو غيره، وهو مثاب على قصده).
وفي الصحيحين عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: [قال رجل: لأتصدقنَّ الليلة بصدقة، فخرج بصدقته فوضعها في يد زانية، فأصبح الناس يتحدثون: تُصُدِّقَ على زانية! فقال: اللهم لك الحمد على زانية، لأتصدقن الليلة بصدقة، فخرج بصدقته فوضعها في يد غني، فأصبحوا يتحدثون: تُصُدِّقَ الليلة على غني! قال: اللهم لك الحمد، على غني! لأتصدقن الليلة بصدقة، فخرج بصدقته فوضعها في يد سارق، فأصبحوا يتحدثون: تُصُدِّقَ الليلة على سارق! فقال: اللهم لك الحمد، على زانية، وعلى غني، وعلى سارق. فأتي فقيل له: أما صدقتك فقد قبلت، وأما الزانية فلعلها أن تستعِفّ بها عن زناها، ولعل الغني يعتبر فينفق مما أعطاه الله، ولعل السارق أن يستعِفّ بها عن سرقته](١).
قال مجاهد:(مهاجري قريش بالمدينة مع النبي - صلى الله عليه وسلم -، أمَرَ بالصدقة عليهم). وقال السدي:(حصرهم المشركون في المدينة).
والمقصود بالآية: المهاجرون الذين تركوا ديارهم وأموالهم وهاجروا إلى المدينة امتثالًا لأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وليس لهم ما يغنيهم، ولا يتمكنون من السفر في طلب المعاش.
قال قتادة:{لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الْأَرْضِ}: حبسوا أنفسهم في سبيل الله للعدو، فلا يستطيعون تجارة).
(١) حديث صحيح. أخرجه البخاري (١٤٢١)، كتاب الزكاة، باب: إذا تصدق على غني وهو لا يعلم. ورواه مسلم (١٠٢٢)، وأحمد (٢/ ٣٥٠)، والنسائي (٥/ ٥٥).