للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (٢٧٧)}.

في هذه الآيات: يخبر الله تعالى أن مصير الربا إلى هلاك وإفلاس، وذهاب بالبركة، وعذاب في الآخرة، في حين ينمي الله الصدقات ويطرح فيها البركة في حياة صاحبها في الدنيا ثم يسعده بثوابها في الآخرة. إنّ أهل الإيمان والعمل الصالح وإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة لهم جزيل الثواب عند ربهم ولا يعترضهم خوف يومئذ ولا هم يحزنون.

أخرج الإمام أحمد والحاكم بسند جيد عن ابن مسعود عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: [إن الربا وإن كثر فإن عاقبته تصير إلى قُلٍّ] (١).

ورواه ابن ماجة عنه بلفظ: [ما أحد أكثرَ من الربا إلا كان عاقبة أمره إلى قل].

وفي صحيح البخاري عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: [من تصدق بعدل تمرة من كسب طيب، ولا يقبل الله إلا الطيب، فإن الله يتقبَّلها بيمينه ثم يربيها لصاحبها كما يربي أحدكم فلُوه، حتى يكون مثل الجبل] (٢).

ورواه الترمذي وفيه زيادة: (وتصديقُ ذلك في كتاب الله: {يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ}).

وقوله: {وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ}.

قال الحافظ ابن كثير: (أي: لا يحب كَفُور القلب أثيمَ القولِ والفعل، ولابُدَّ من مناسبة في ختم هذه الآية بهذه الصفة، وهي أن المرابي لا يرضى بما قسم الله له من الحلال، ولا يكتفي بما شرع له من التكَسُّب المباح، فهو يسعى في أكل أموال الناس بالباطل، بأنواع المكاسب الخبيثة، فهو جَحود لما عليه من النعمة، ظلوم آثم بأكل أموال الناس بالباطل. ثم قال تعالى مادحًا للمؤمنين بربهم، المطيعين أمره المؤدين شكره، المحسنين إلى خلقه في إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة، مخبرًا عما أعدّ لهم من الكرامة، وأنهم يوم القيامة من التبعات آمنون: فقال: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا


(١) أخرجه أحمد في المسند (١/ ٣٩٥ - ٤٢٤)، وإسناده لا بأس به، وانظر صحيح الجامع - حديث رقم - (٣٥٣٦). ورواه ابن ماجة (٢٢٧٩)، والحاكم (٢/ ٣٧)، بسند حسن، كما في الحديث بعده.
(٢) حديث صحيح. أخرجه البخاري في الصحيح -حديث رقم- (١٤١٠)، و (٧٤٣٠)، ومسلم (١٠١٤)، ورواه أحمد في المسند (٢/ ٥٣٨). وانظر سنن الترمذي -حديث رقم- (٦٦٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>