وقوله: {فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ}.
قال السدي: (أما السفيه، فهو الصغير). وقال الضحاك: (هو الصبي الصغير، فليملل وليُّه بالعدل). وقال مجاهد: (أما السفيه, فالجاهل بالإملاء والأمور)، واختاره ابن جرير. وقال ابن كثير. (سفيهًا: محجورًا علبه بتبذير ونحوه). وهذا المعنى أشمل.
وقوله: {أَوْ ضَعِيفًا}.
أي: صغيرًا أو مجنونًا أو عاجزًا. {أَوْ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ} لجهل أو مانع: كحبسٍ أو خرسٍ أو غيابٍ بسبب ما. {فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ}. قال ابن عباس: (إن كان عجز عن ذلك، أملَّ صاحبُ الدين بالعدل).
وقوله: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ}.
أمر بالإشهاد مع الكتابة لزيادة التوثيق. {فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} وهذا الأمر في الأموال والديون, فإنَّ عَقْلَ الرجل أكمل، وشهادة امرأتين بشهادة رجل.
ففي صحيح مسلم وسنن أبي داود عن ابن عمر, قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: [ما رأيت من ناقصات عقل ولا دين أغلبَ لذي لبٍّ منكنَّ، أما نقصان العقل فشهادة امرأتين بشهادة رجل، وأما نقصان الدين، فإن إحداكنَّ تفطرُ رمضان، وتقيم أيامًا لا تصلي] (١).
وقوله: {مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ}.
فيه دلالة على اشتراط العدالة في الشهود، وهذا الأمر يعمّ كل شهادة. قال الربيع: {مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ}، يقول: عُدولٌ).
وقوله: {أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى}.
قال الضحاك: (إنْ تَنْسَ إحداهما ذكَّرَتْها الأخرى).
(١) حديث صحيح. أخرجه مسلم (١/ ٦١)، وأحمد (٢/ ٦٦ - ٦٧)، وانظر صحيح الجامع (٥٥٠٠).