للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: {وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا}.

قال ابن عباس: (يعني: من احتيج إليه من المسلمين شهد على شهادة إن كانت عنده، ولا يحل له أن يأبى إدا ما دُعي).

وفي صحيح مسلم عن زيد بن خالد: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: [ألا أخبركم بخير الشهداء؟ الذي يأتي بشهادته قبل أن يسألها] (١).

وأما ما أخرج البخاري عن عبد الله رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: [خير الناس قرني ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، ثم يجيء أقوامٌ تسبقُ شهادة أحدهِم يمينَهُ ويمينُه شهادته] (٢).

وكذلك روى نحوه عن عمران بن حصين, ثم ذكر عمران: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: [إن بعدَكم قومًا يخونون ولا يُؤْتَمَنون ويشهدون ولا يستشهدون ويَنْذِرون ولا يَفُون، ويظهرُ فيهم السِّمن].

فالمقصود قوم لهم مصلحة بشهادة ما، فالحديث في موضع ذمٍّ لهم ولأمثالهم لا في موضع مدح، وقيل هؤلاء شهود الزور، ولذلك قال إبراهيم - عقب حديث عبد الله -: (وكانوا يضربوننا على الشهادة والعهد).

وقوله: {وَلَا تَسْأَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا إِلَى أَجَلِهِ}.

إرشاد إلى دقة الكتابة وعدم التهاون بتفاصيلها، أي: ولا تملّوا أن تكتبوا الحق بكل ما فيه من صغيرة وكبيرة. يقال: سئمت، أي: مللت. وقوله: {إِلَى أَجَلِهِ}، إلى أجل الحق.

وقوله: {ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَى أَلَّا تَرْتَابُوا}.

أي: هذا الذي أمرتم به من الكتابة والدقة أعدل عند الله وأثبت لأمر الشهادة، فإن الشاهد إذا رآه تذكر خطه فربما يكون قد نسيه.


(١) حديث صحيح. أخرجه مسلم (١٧١٩)، وأحمد (٥/ ١٩٣)، وأبو داود (٣٥٦٩)، والترمذي (٢٢٩٦). من حديث زيد بن خالد رضي الله عنه.
(٢) حديث صحيح. أخرجه البخاري (٢٣٥٢)، كتاب الشهادات، باب: لا يشهد على شهادة جَور إذا أشهد. وانظر (٢٦٥١) للحديث بعده. وكذلك (٣٦٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>